التراضي والجنس: هل يريد شريكك ممارسة الجنس معك؟

هل يريد شريكك ممارسة الجنس معك؟ لا تفترض إجابته؛ بل اسأله. قد لا يكون السؤال مريحًا في البداية، ولكنّه جوهريّ في علاقتكما؛ إذ يوجد فاصل بين ممارسة الجنس والعنف الجنسيّ، وهذا الفاصل هو ما يُسمّى «التراضي» (بالإنجليزيّة: Consent).

ما هو التراضي؟

التراضي -لغويًّا- هو الموافقة على القيام بفعل ما أو السماح به. أمّا اصطلاحًا، فهو اتّفاق بين طرفين بهدف الانخراط في نشاط جنسيّ ما.

يتميّز التراضي بخصائص عدّة، أهمّها:

  1. التراضي طوعيّ؛ إذ لا يمكن الإكراه عليه. لا يمكن اعتبار الموافقة على ممارسة الجنس فعليّةً إذا كانت قد مُنِحت بالإكراه.
  2. التراضي متبادَل؛ إذ على الطرفين أن يكونا مشاركين في اتّخاذ قرار ممارسة الجنس.
  3. التراضي متّزن؛ إذ لا يمكن لفرد عاجز عن اتّخاذ القرار أن يمنح موافقته على ممارسة الجنس، كأن يكون نائمًا، أو تحت تأثير الموادّ أو الكحول، أو تحت السنّ القانونيّ لمنح التراضي.

كما تكمن ضرورة التراضي في أوجه عدّة، أهمّها:

  1. هو جزء هامّ من جنسانيّة صحّيّة. من جهة، نروّج لنظرة إيجابيّة حول الجنس، فنعترف بامتلاك كلّ من الطرفين احتياجات ورغبات جنسيّة. من جهة أخرى، نواجه التمييز المبنيّ على النوع الاجتماعيّ في الممارسات الجنسيّة، كإدانة النساء اللواتي يمارسن الجنس كثيرًا، ومدح الرجال الذين يمارسون الجنس كثيرًا.
  2. يؤكّد على التواصل، ويجعلك تحترم قيَمك الشخصيّة وقيَم شريكك، ويبني الثقة بنفسك وشريكك؛ ما يجعل الجنس أكثر متعة، والعلاقات العاطفيّة أكثر متانة.
  3. يساعدك على إدراك نوع العلاقة الجنسيّة التي ترغب بها.
  4. يترافق مع حماية نفسك وشريكك من الحمل والأمراض المنقولة جنسيًّا.

كيف تتكلّم عن الجنس والتراضي مع شريكك؟

تناوَلْ موضوع الجنس مع شريكك عندما يشعر كلاكما بالراحة، وتفكّران بوضوح. اعلَمْ أنّ التكلّم عن الجنس ليس نقاشًا يحصل لمرّة واحدة فقط؛ بل هو مجموعة أحاديث تبدأ قبل العلاقة الجنسيّة، وتستمرّ خلالها، وبعدها. من المهمّ إذًا أن تصغي لشريكك جيّدًا، وأن تسأله عن النقاط التي تبدو لك مبهمة، وألّا تفترض شيئًا.

أمّا منح التراضي والسؤال عنه فيدوران حول وضع الحدود الخاصّة بك، واحترام الحدود الخاصّة بالشريك. إنّ الحديث عن التراضي ليس مخيفًا أو غريبًا كما يصوّره البعض؛ بل يعني أنّ الطرفين واضحان حول رغباتهما واحتياجاتهما، ويحترمان حدود بعضهما البعض.

تجدر الإشارة إلى أنّ التراضي يُمنَح عند كلّ نشاط جنسيّ؛ فمَنحُه في اتّصال جنسيّ مرّة واحدة لا يعني منحه ضرورةً في اتّصال جنسيّ آخر مماثل أو مختلف. على سبيل المثال، لا تعني موافقتُك على تقبيل شريكك أنّك منحْت هذا الأخير الحقّ بخلع ثيابك. كما لا تعطي ممارستُك للجنس مع شخص في الماضي هذا الشخص الحقّ في ممارسة الجنس معك مجدّدًا في المستقبل.

كيف تعلم أنّ شريكك قد منحك تراضيه؟

عند الانخراط في نشاط جنسيّ ما، على كلّ من الطرفين أن يعي أنّ التراضي يدور حول التواصل؛ فلا يكون ضمنيًّا أو مفترَضًا، حتّى في إطار علاقة عاطفيّة. لمعرفة ما إذا كان شريكك موافقًا على المشاركة بنشاط جنسيّ معيّن، تكلَّمْ عن النشاط نفسه، كأن تسأل:

  • هل هناك أمر لا تريد القيام به؟
  • أيمكنني تقبيلك؟
  • هل أنت مرتاح؟
  • أتريد التوقّف؟

أمّا عن جواب شريكك، فيحمل التراضي إجابتين: نعم، ولا؛ وربّما تعني لا. من المهمّ أيضًا الانتباه إلى لغة جسده ونبرة صوته. إذا أجاب شريكُك بالإيجاب (نعم)، و أظهر أنّه مهتمّ بك، تكون قد حصلْت على تراضيه. وإذا أجاب شريكُك بالنفي (لا)، أو لم يقل شيئًا، أو أجاب بالإيجاب ولكنّه بدا متردّدًا أو منزعجًا، لم تحصل على تراضيه. وإذا كنت غير متأكّد ممّا يريده شريكك، تمهّلْ واسأله: «هل تريدني أن أكمل؟» أو «لا بأس إن كنت لا تريد القيام بذلك. يمكننا القيام بشيء آخر. ما رأيك؟».

كيف تفهم التواصل اللا لفظيّ؟

لا يعني عدمُ النفي الإيجاب؛ بمعنى آخر، لا يعني عدمُ قول «لا» صراحةً الموافقة ضرورةً على المشاركة في ممارسة جنسيّة ما. سنعرض في ما يلي للغة الجسد التي تدلّ على أنّ شريكك لا يريد منحك تراضيه؛ على سبيل المثال:

  • لا يتجاوب مع لمستك.
  • يدفعك بعيدًا.
  • يمسك يديه بشدّة حول جسده.
  • يلتفت عنك، أو يخبّئ وجهه.
  • عضلاته مشدودة.
  • يبكي.

كيف تقول لا للجنس؟

مِن حقّك سَحب موافقتك على ممارسة الجنس متى شعرت بعدم الارتياح. من المهمّ إذًا أن تتواصل بوضوح مع شريكك متى أردت التوقّف، كأن تقول:

  • لا.
  • أريد التوقّف.
  • لست مرتاحًا للقيام بذلك بعد الآن.

أخيرًا، يُعَدّ التواصل جزءًا هامًّا من أيّ علاقة، جنسيّة كانت أم غير جنسيّة. وتُعَدّ العلاقة الجنسيّة صحّيّةً إذا كان الطرفان قادرين على الحديث عن التراضي، وتحديد النسل، والجنس الآمن، وغيره دون أن يشعر أحدهما بالضغط أو الإهانة. فلا يمكنك تخمين ما يريده شريكك، أو يحبّه، أو يكرهه، أو يوافق عليه، أو يرفضه، بل على شريكك أن يعرّفك على تفضيلاته والحدود التي يرسمها في إطار العلاقة الجنسيّة. التواصل إذًا هو الطريقة الفضلى للتأكّد من أنّ كلًّا من الطرفين قد منح موافقته الكاملة والحرّة على ممارسة الجنس.

المصادر+

فريق الاعداد
إعداد: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي
اترك ردًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

7 تعليقات
  1. […] في ( المقال السابق ) عن التراضي بشكلٍ عام، وضرورته، وكيف يعمل، سنتناقش […]

  2. […] تواصل أو تصرّف أو فعل جنسيّ يحصل دون أن تمنح الضحيّة التراضي، بمعنى آخر، الاعتداء الجنسيّ يحصل عندما يقوم شخص ما […]

  3. […] في المقال السابق عن التراضي بشكلٍ عام، وضرورته، وكيف يعمل، وسنعرض في ما […]

  4. […] أو يهدّدُ بتنفيذه، أو يحاول تنفيذَه ضدّ الضحيّة من دون موافقتها، أي بالإكراه (بالإنجليزيّة: […]

  5. […] أو تخيّل عرضها، أو القيام بعرضها أمام أشخاص لم يبدوا موافقتهم على ذلك، وخصوصًا الغرباء […]

  6. […] اضطراب التلصّص (بالإنجليزيّة: Voyeuristic Disorder)، والمعروف أيضًا باضطراب البصبصة، هو أحد اضطرابات الانحرافات الجنسيّة (بالإنجليزيّة: Paraphilic Disorders). تتعدّد اضطرابات الانحرافات الجنسيّة، ويشير مصطلح «الانحرافات الجنسيّة» إلى الاهتمامات، والتفضيلات، والتخيّلات، والإلحاحات، والسّلوكيات الجنسيّة الخارجة عن المعيار. لا تُعتبَر هذه الأخيرة أعراضَ اضطراب إلّا إذا تمّ العمل بها بطرق من المحتمل أن تسبّب ضائقة أو أذى للذات أو الآخرين، خاصّةً أولئك الذين لَم يبدوا موافقتهم. […]

  7. […] أو تخيّل عرضها، أو القيام بعرضها أمام أشخاص لم يبدوا موافقتهم على ذلك، وخصوصًا الغرباء منهم. تُعتبَر هذه الحالة […]

اترك ردًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.