اضطرابات الانحرافات الجنسيّة: أنواع، وأعراض، وأسباب، وعلاج

الانحراف الجنسيّ (بالإنجليزيّة: Paraphilia) هو حالة تعتمد فيها الإثارة الجنسيّة والإشباع الجنسيّ لدى الشخص على التخيّل والانخراط في سلوك جنسيّ متطرّف وغير نمطيّ. يُعَدّ الانحراف الجنسيّ اضطرابًا عندما يسبب ضيقًا لصاحبه أو يهدّد بإيذاء الآخرين. للانحراف الجنسيّ مسمّيات أخرى، ومنها: الخطل الجنسيّ، أو الشذوذ الجنسيّ، أو الولع الجنسيّ.

يمكن أن يتمحور الانحراف الجنسيّ حول شيء معيّن (مثلًا: أطفال، أو حيوانات، أو ملابس داخليّة) أو سلوك معيّن (مثلًا: إلحاق الألم، أو عرض الشخص لأعضائه التناسليّة في الأماكن العامّة). يتميّز الانحراف الجنسيّ بالانشغال بالشيء أو السلوك إلى حدّ الاعتماد عليه للحصول على الإشباع الجنسيّ. تكون معظم أنواع الانحرافات الجنسيّة أكثر شيوعاً عند الرجال من النساء. وعادةً ما يكون تركيزها محدّدًا جدًا وغير متغيّر.

نظرًا إلى أنّ العديد من الأشخاص ذوي الأداء الوظيفيّ الجيّد لديهم اهتمامات جنسيّة تقع خارج السلوك الجنسيّ التقليديّ، لا يتمّ تشخيص اضطراب الانحراف الجنسيّ إلّا إذا كان السلوك الجنسيّ مصحوبًا بضيق شخصيّ أو اختلال في المجالات الاجتماعيّة، أو المهنيّة، أو غيرها من مجالات الأداء الوظيفيّ، أو إذا كان السلوك الجنسيّ يتسبّب في ضرر لطرف آخر غير موافق.

تكون بعض السلوكيّات المرتبطة بالانحرافات الجنسيّة غير قانونيّة؛ وغالبًا ما يواجه الأفراد الذين يخضعون للعلاج من تلك الاضطرابات تعقيدات قانونيّة متعلّقة بسلوكيّاتهم.

ما هي أنواع الانحرافات الجنسيّة؟

تشمل الانحرافات الجنسيّة الأكثر شيوعًا ما يلي:

أمّا الانحرافات الجنسيّة الأقلّ شيوعًا فتشمل ما يلي:

  • الفِتشيّة أو التمائميّة (بالإنجليزيّة: Fetishism)، وتشمل استخدام الأجسام الجامدة.
  • المازوخيّة الجنسيّة (بالإنجليزيّة: Sexual Masochism)، وتشمل التعرّض للإذلال أو الإجبار على المعاناة.
  • الساديّة الجنسيّة (بالإنجليزيّة: Sexual Sadism)، وتشمل إلحاق الإذلال أو المعاناة.
  • اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر (بالإنجليزيّة: Transvestic Disorder) أي الإثارة الجنسية عند ارتداء ملابس الجنس الآخر.

إضافة إلى ما سبق، هناك فئة من الانحرافات الجنسيّة تُعرَف باسم «اضطرابات الانحرافات الجنسيّة المحدّدة الأخرى»، وتشمل السلوكيّات التي لا تندرج تحت أيّ من التشخيصات السّابقة، مثل تلك التي تنطوي على اشتهاء الموتى، أو البول، أو البراز، أو الحقن الشرجيّة، أو المكالمات الهاتفيّة الفاحشة.

ما هي أعراض الانحرافات الجنسيّة؟

تبدو العديد من الانحرافات الجنسيّة غريبة أو متطرّفة؛ لكن يسهل فهمها إذا نُظِر إليها انطلاقًا من السلوكيّات الشائعة بأشكالها الأقلّ تطرّفًا. على سبيل المثال، قد يكون الكلام البذيء مثيرًا للبعض؛ لكن عندما يكون الكلام البذيء هو الطريقة الوحيدة لحدوث الإثارة أو الإشباع الجنسيّين، يُعتبَر الأمر حينئذ انحرافًا جنسيًّا.

يودّ بعض الأفراد التعرّض للعضّ، أو الصفع، أو يستمتعون بمشاهدة الشريك وهو يؤدّي أفعالاً معيّنة، أو يُستثارون عند مشاهدة شخص عارٍ أو أفلام جنسيّة صريحة. لكن هذه الاهتمامات الجنسيّة لا تشير في حدّ ذاتها إلى اضطراب الانحراف الجنسيّ طالما كان تنفيذها بين راشدين متراضين. من أجل تشخيص اضطراب الانحراف الجنسيّ، على الاهتمام الجنسيّ أن يتضخّم إلى حدّ الاعتماد النفسيّ، ويتسبّب بضيق فرديّ ملحوظ إلى الحدّ الذي يتعارض مع حياة الفرد أو علاقاته.

ما هي أسباب الانحرافات الجنسيّة؟

أسباب ظهور الاضطرابات الانحرافات الجنسيّة غير معروفة حتّى الآن.

يفسّر بعض الاختصاصيّين النفسانيّين أنّ الفرد المصاب بالانحراف الجنسيّ يكرّر عادةً جنسيّةً نشأت في وقت مبكّر من حياته، أو يعاودها.

أمّا علماء السلوك فيعتقدون أنّ الانحرافات الجنسيّة تبدأ من خلال عملية التشريط؛ أي يمكن أن تصبح الأشياء غير الجنسيّة مثيرة جنسيًّا إذا ما ارتبطت بشكل متكرّر بنشاط جنسيّ ممتع. قد تؤدّي بعض الأعمال الجنسيّة (مثل: اختلاس النظر، أو الاستعراض) التي توفّر متعة جنسيّة مكثّفة بشكل خاصّ إلى تفضيل الشخص لهذا السلوك على وجه التحديد. في بعض الحالات، يبدو أنّ هناك عوامل مهيِّئة، كصعوبة تكوين علاقات شخصيّة.

وفقًا لنماذج التعلّم السلوكيّ، من المحتمل أن يتعلّم الطفل تقليد سلوكيّات جنسية غير لائقة إذا كان ضحيّة لتلك السلوكيّات أو مشاهدًا لحدوثها.

تشير نماذج التعويض إلى أنّ هؤلاء الأفراد محرومون من الاتّصالات الجنسيّة الاجتماعيّة النمطيّة؛ وبالتالي يسعون للحصول على الإشباع من خلال وسائل أقلّ قبولًا مجتمعيًّا.

أمّا النماذج الفسيولوجيّة فتركّز على العلاقة بين الهرمونات، والسلوك، والجهاز العصبيّ المركزيّ، مع اهتمام خاصّ بدور العدوان والهرمونات الجنسيّة الذكريّة.

ما هو علاج الانحرافات الجنسيّة؟

تتضمّن المقاربات العلاجيّة لاضطرابات الانحرافات الجنسيّة: العلاج النفسيّ التقليديّ، وتقنيّات العلاج السلوكيّ، والأدوية. أمّا العلاج المعياريّ لاضطرابات الانحرافات الجنسيّة فهو توليفة من العلاج الدوائيّ والعلاج السلوكيّ.

العلاج الدوائيّ

تخفّض مضادّات الأندروجين (Androgen) مستويات هرمون التستوستيرون (Testosterone) بشكل كبير؛ ما يقلّل الدافع الجنسيّ لدى الذكور، وتواتُر الصور الذهنيّة لمشاهد مثيرة جنسيًّا. يسمح ذلك بالتركيز على الإرشاد دون إلهاء قويّ ناتج عن الإلحاحات الجنسيّة. يمكن للهرمونات، خاصّة مضاهئات الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسليّة، تقليل الدافع الجنسيّ والعدوان. يمكن أن تؤدّي هذه الهرمونات إلى تقليل الاهتمام بالجنس تمامًا، مع تقليل تواتر الانتصاب، والتخيّلات الجنسيّة، والشروع في السلوكيّات الجنسيّة بما فيها الاستمناء والجنس. كما نجحت مضادّات الاكتئاب في تقليل الدافع الجنسي؛ لكنّها لم تستهدف التخيّلات الجنسيّة بشكل فعّال.

العلاج النفسيّ

تشمل العلاجات المعرفيّة إعادة هيكلة التشوّهات المعرفيّة، والتدريب على التعاطف. تتضمّن إعادة هيكلة التشوّهات المعرفيّة تصحيح الاعتقادات الضالّة عند المريض، والتي قد تؤدّي بدورها إلى أخطاء في السلوك (مثلًا: الاستدلال الخاطئ على أنّ الضّحية تستحقّ أن تكون طرفًا في الفعل المنحرف). أمّا التدريب على التعاطف فيتضمّن مساعدة الجاني على تبنّي منظور الضحيّة والتعرّف عليه بشكل أفضل، من أجل فهم الضرر الذي حدث.

ما هي العلاجات بالتشريط المنفّر للانحرافات الجنسيّة؟

تشير الأبحاث إلى أن النماذج السلوكيّة المعرفيّة فعّالة في علاج الأشخاص المصابين باضطرابات الانحرافات الجنسيّة. ينطوي التشريط المُنفّر (بالانجليزيّة: Aversive Conditioning) على استخدام منبّهات سلبيّة لتقليل سلوك ما أو القضاء عليه؛ ومن أشكاله: التحسيس المستور (بالإنجليزيّة: Covert Sensitization) والتحسيس البديل (بالإنجليزيّة: Vicarious Sensitization). يتضمّن التحسيس المستور استرخاء المريض، وتصوُّره مشاهد لسلوك منحرف يتبعها حدث سلبيّ، كأن يعلق قضيبه في سحّاب سرواله. أمّا التحسيس البديل فيتضمّن عرض شرائط فيديو للسلوكيّات المنحرفة وعواقبها، مثل وصف الضحايا للانتقام الشديد المرغوب، أو حتّى مشاهدة عمليّات الإخصاء الجراحيّة.

ما هي العلاجات بالتشريط الإيجابيّ للانحرافات الجنسيّة؟

تركّز مقاربات التشريط الإيجابيّ (بالإنجليزيّة: Positive Conditioning) على تدريب المريض على المهارات الاجتماعيّة، والسلوكيّات البديلة أكثر ملاءمة. تركّز تقنيات إعادة التشريط على تقديم تغذية راجعة فوريّة للمريض. على سبيل المثال، قد تركّز تدريبات الاستمناء على فصل المتعة المتأصّلة في العادة السرّيّة والنشوة عن السلوك المنحرف.

مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: أحمد المصري
مراجعة علمية: سارة ترحيني
تدقيق لغوي: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.