رهاب الخلاء: أعراض، وأسباب، وعلاج
رهاب الخلاء (بالإنجليزيّة: Agoraphobia)، ويُعرَف أيضًا برهاب الساح ورهاب الميادين، يشير إلى الخوف من الأماكن التي قد يكون الهروب منها صعبًا، بما فيها المساحات المفتوحة والواسعة، والمناطق المزدحمة، ووسائل سفر مختلفة. تُرجِم المصطلح (رهاب الخلاء) من اليونانيّة ويعني «الخوف من السوق».
قد يتجنّب الشخص المصاب برهاب الخلاء بعض المواقف، ومنها: البقاء وحده خارج المنزل، والسفر في سيّارة أو حافلة أو طائرة، والتواجد في مناطق مزدحمة أو مساحات مغلقة (مثلًا: المحلّات، والسينما، والمصعد). يخشى الشخص تلك المواقف لأنّه يركّز على احتماليّة صعوبة الهروب في الحالات الطارئة، أو غياب المساعدة إذا ظهر عليه أعراض تشبه الهلع أو تشعره بالإحراج. من المحتمل أن يؤدّي شعوره بالانزعاج والضغط الشديدين إلى ضرورة مرافقة شخص آخر له في تلك المواقف.
بهدف تشخيص رهاب الخلاء، يجب على المواقف المسبّبة لرهاب الخلاء أن تخلق دائمًا خوفًا وقلقًا لا يتناسبان مع الخطر الفعليّ الذي تطرحه هذه المواقف. كما يجب استمرار الضيق لمدّة (6) أشهر على الأقلّ. قد لا يتمكّن الأشخاص المصابون برهاب الخلاء من مغادرة منازلهم مطلقًا عندما يكون الاضطراب في شكله الأكثر شدّة.
تميل الأفكار المسبّبة للخوف أو القلق إلى الاختلاف باختلاف السنّ. غالبًا ما يخشى الأطفال الضياع. أمّا الراشدون فقد يخشون المعاناة من أعراض تشبه الهلع. وقد يخاف الراشدون الأكبر سنًّا من السقوط. كثيرًا ما يصاحب رهاب الخلاء اضطرابات قلق أخرى (مثلًا: اضطراب الهلع) واضطرابات اكتئابيّة.
يتّسم اضطراب الهلع بتكرار نوبات الهلع، والخوف الشديد من التعرّض لنوبة أخرى. يُعرَف هذا الخوف بالقلق الاستباقيّ أو الخوف من الخوف، ويكون حاضرًا معظم الوقت، ويتعارض جدّيًّا مع حياة الشخص حتّى عند غياب نوبة هلع. تظهر علامات رهاب الخلاء والقلق لدى أغلب الأشخاص المصابين باضطراب الهلع قبل نشوئه.
عادةً ما يحصر الأشخاص المصابون برهاب الخلاء أنفسهم في منطقة «آمنة» قد تشمل المنزل فقط أو الجوار المباشر. تولّد أيّ حركة خارج حدود تلك المنطقة تقلقًا متزايدًا.
قد يمكث الأشخاص المصابون برهاب الخلاء في منازلهم لسنوات؛ ممّا يؤدي إلى تدهور علاقاتهم. تشير التقديرات إلى أنّ أكثر من ثلثهم لا يغادرون منازلهم وغير قادرين على العمل.
أعراض رهاب الخلاء
عادةً ما تكون بداية رهاب الخلاء في أواخر مرحلة المراهقة أو مرحلة الرشد المبكّرة. ومع ذلك، يمكن حدوث الاضطراب في مرحلة الطفولة أيضًا.
وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالانجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، واختصاره: DSM-5)، يشمل رهاب الخلاء ما يلي:
- الخوف أو القلق من:
- التواجد خارج المنزل وحيدًا.
- استخدام وسائل النقل العامّة.
- التواجد في أماكن مغلقة (مثلًا: المحلّات وصالات السينما).
- الوقوف في طابور أو حشد من الناس.
- التواجد في أماكن مفتوحة (مثلًا: الأسواق ومواقف السيّارات).
- التواجد في أماكن قد يصعب الهروب منها.
- التجنّب النشط لكلّ المواقف التي تثير الخوف والقلق.
- البقاء في المنزل لمدّة طويلة.
- مشاعر الانفصال أو النفور من الآخرين.
- مشاعر العجز.
- الاعتماد على الآخرين.
- القلق أو نوبات الهلع.
إضافة إلى ما سبق، من الشائع أن يسيء الأشخاص المصابون برهاب الخلاء تعاطي الكحول والمهدّئات كوسيلة للتعامل مع ضيقهم.
بهدف تشخيص رهاب الخلاء، يجب عدم تفسير الأعراض المذكورة أعلاه بشكل أفضل من خلال اضطرابات نفسيّة أو حالات طبّيّة أخرى.
يمكن أن يتسبّب رهاب الخلاء بإعاقة فعليّة لدى بعض الأشخاص، ومن أشكالها:
- العجز عن العمل.
- الاعتماد بشكل كبير على أفراد العائلة للتسوّق.
- الحاجة إلى صحبة أحد أفراد العائلة في سفراتهم النادرة خارج منطقة الأمان.
أسباب رهاب الخلاء
أصبحت مسبّبات اضطرابات القلق محلّ تركيز في العقد الماضي؛ على الرغم من عدم فهمها كاملًا. تنطوي احتماليّة الإصابة بالقلق بشكل عامّ على مزيج من التجارب الحياتيّة، و/أو الخصائص النفسيّة، و/أو العوامل الجينيّة.
ترتفع قابليّة توريث رهاب الخلاء إلى (61%)؛ ما يجعله الرهاب الأقوى ارتباطًا بالقابليّة الجينيّة للتعرض للإصابة بالرهاب.
أمّا العوامل البيئيّة المعروف ارتباطها بنشوء رهاب الخلاء فتشمل:
- المرور بأحداث مرهقة (مثلًا: موت أحد الوالدين، أو التعرّض للهجوم أو السرقة).
- والنشوء في منزل يتّسم بقليل من الدفء، ومستويات عالية من الحماية المفرطة.
علاج رهاب الخلاء
غالبًا ما يكون علاج رهاب الخلاء ناجحًا. يهدف العلاج إلى مساعدة الشخص المصاب برهاب الخلاء في أداء وظائفه بشكل فعّال. يستفيد بعض مرضى اضطرابات القلق من الجمع بين العلاج النفسيّ والعلاج الدوائيّ، أو تتابعهما. يمكن لهذا النهج المشترك توفير راحة سريعة، وفعّاليّة عالية، ومعدّل انتكاس منخفض.
العلاج النفسيّ
العلاج بالتعرّض
العلاج بالتعرّض (بالإنجليزيّة: Exposure Therapy)، ويُسمّى أيضًا إزالة التحسّس المنهجيّة (بالإنجليزية: Systematic Desensitization)، هو أسلوب سلوكيّ يتعرّض فيه الشخص تدريجيًّا إلى الموقف الذي يخشاه، ويخلص إلى أنّ النتائج التي يخشاها لا تتحقّق، ويكون ذلك تحت إشراف المختصّ. يشكّل العلاج بالتعرّض العلاج الأكثر فعّاليّة لرهاب الخلاء؛ غير أنّ نجاحه يتوقّف عادةً على شدّة الرهاب.
للعلاج بالتعرّض أشكال مختلفة، ومنها:
- التعرّض المتدرّج للحياة الواقعيّة (بالإنجليزيّة: Graded Real-Life Exposure).
- التعرّض التخيّليّ (بالإنجليزيّة: Imaginal Exposure).
في التعرّض المتدرّج للحياة الواقعيّة، يتعرّض الشخص لمواقف حقيقيّة منفرة، متدرّجًا من المواقف الأقلّ تطرّفًا إلى أكثرها تطرّفًا. على سبيل المثال، يتواصل الشخص مع عدد قليل من الناس قبل قضاء الوقت مع عدد أكبر بشكل تدريجيّ؛ بهدف التغلّب على الخوف من الحشود. يشكّل التعرّض المتدرّج للحياة الواقعيّة الشكل الأمثل من العلاج بالتعرّض؛ غير أنّ التعرّض التخيّليّ بديلًا مقبولًا. في التعرّض التخيّليّ، يتعلّم الشخص أوّلًا أساليب الاسترخاء؛ ثمّ يتخيّل مكوّنات الرهاب عندما يكون مسترخيًا، متدرّجًا من المكوّنات الأقلّ خوفًا إلى أكثرها خوفًا.
غالبًا ما يخفّف العلاج بالتعرّض القلق، ويرفع المعنويّات، ويحسّن جودة الحياة.
العلاج المعرفيّ السلوكيّ
يمكن أن يساعد العلاج المعرفيّ السلوكيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Therapy، واختصاره: CBT) المرضى في تعديل أنماط التفكير المساهِمة في أعراض المريض أو إزالتها، وتغيير سلوكه. يتطلّب العلاج المعرفيّ السلوكيّ من (8) أسابيع إلى (12) أسبوعًا على الأقلّ بشكل عامّ. قد يحتاج البعض إلى وقت أطول في العلاج لتطبيق مهاراتهم الجديدة المكتسبة. سجّل العلاج المعرفيّ السلوكيّ معدّلًا منخفضًا من الانتكاس، وأثبت فعّاليّته في إزالة نوبات الهلع أو الحدّ من تواترها. كما يقلّل من القلق الاستباقيّ، وتجنّب المواقف المخيفة.
قد يكون العلاج معقّدًا عندما يواجه المرضى صعوبة في حضور الجلسات النفسيّة بسبب مخاوفهم. لذلك يذهب بعض المعالجين النفسيّين إلى بيوت المرضى بهدف إجراء الجلسات الأوّليّة. غالبًا ما يأخذ المعالجون مرضاهم في رحلات قصيرة إلى مراكز التسوّق وأماكن أخرى متجنّبة؛ ما يوفّر دعمًا للمريض ويساعده على التعامل مع مخاوفه.
يقارب المريض موقفًا مخيفًا بشكل تدريجيّ؛ محاولًا البقاء على الرغم من ارتفاع مستويات القلق. تساعد هذه الطريقة المريض في معرفة أنّ الموقف الذي يخفيه لا يشكّل خطرًا. في كلّ محاولة، يواجه المريض أكبر قدر مستطاع من الخوف. يجد المرضى أن باتّباعهم المنهج التدريجيّ (منهج الخطوة خطوة) بمساعدة التشجيع والمشورة المتخصّصى من المعالج، يمكنهم السيطرة تدريجيًا على مخاوفهم، والانخراط في المواقف التي بدا الوصول إليها مستحيلًا في السابق.
يكلّف العديد من المعالجين النفسيّين مرضاهم بواجبات منزليّة لإتمامها بين الجلسات. في بعض الأحيان، يخضع المريض لبضع جلسات فرديّة مع المعالج؛ ثم يستمرّون في العلاج بمفردهم بمساعدة دليل مكتوب.
العلاج النفسيّ الجماعيّ
غالبًا ما ينضمّ المريض إلى مجموعة من الأشخاص يسعون أيضًا إلى التغلّب على رهاب الخلاء؛ فيجتمعون أسبوعيًّا لمناقشة التقدّم المحرز، وتبادل التشجيع، وتلقّي التوجيه من المعالج النفسيّ.
العلاج الدوائيّ
عندما ترافق نوبات الهلع رهاب الخلاء، يمكن للأدوية الموصوفة طبّيًّا منع نوبات الهلع، أو الحدّ من تواترها وشدّتها، إضافة إلى تخفيف القلق الاستباقيّ المرتبط بها. عندما تصبح نوبات الهلع أقلّ تواترًا وشدّة، ترتفع قدرة الأشخاص على الانخراط في مواقف كانت تثير قلقهم في السابق.
تضمّ الأدوية الشائع استخدامها المجموعات التالية:
- مضادّات الاكتئاب ثلاثيّة الحلقات (بالإنجليزيّة: Tricyclic Antidepressants).
- مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة (بالإنجليزيّة: Selective Serotonin Reuptake Inhibitors، واختصارها: SSRIs).
- البنزوديازيبينات (Benzodiazepines) عالية الفاعليّة.
- مثبّطات الأوكسيداز الأحادي الأمين (بالإنجليزيّة: Monoamine Oxidase Inhibitors، واختصارها: MAOIs).
يعتمد تحديد استخدام أيّ دواء من الأدوية المذكورة أعلاه على اعتبارات الأمان، والفعّاليّة، والاحتياجات الشخصيّة للمريض.
تُستخدَم مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة أيضًا في علاج اضطراب الهلع عندما يحدث بالتزامن مع اضطراب الوسواس القهريّ، أو الرهاب الاجتماعيّ، أو الاكتئاب. يبدأ تعاطي تلك الأدوية بجرعات منخفضة تزداد تدريجيًا إلى أن تحقّق تأثيرًا مفيدًا. ومن الأمثلة على مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة المستخدمة:
- فلوكستين (Fluoxetine).
- سيرترالين (Sertraline).
- إسكيتالوبرام (Escitalopram).
- باروكسيتين (Paroxetine).
- سيتالوبرام (Citalopram).
للبنزوديازيبينات عالية الفاعليّة تأثيرًا سريعًا، وآثار جانبيّة مزعجة قليلة؛ كما يتحمّلها معظم المرضى. لكن يمكن أن يصبح بعض المرضى معتمدين على البنزوديازيبينات، خاصّة أولئك الذين عانوا من مشاكل مرتبطة بالكحول أو الاعتماد على الأدوية. ومن الأمثلة على البنزوديازيبينات:
- ألبرازولام (Alprazolam).
- كلونازيبام (Clonazepam).
- رازيبام (Lorazepam).
عادةً ما يستمرّ العلاج بالبنزوديازيبينات عالية الفاعليّة لمدّة تتراوح بين (6) أشهر وسنة. يمكن أن يعاني المرضى من أعراض الانسحاب (مثلًا: التوعّك، والضعف) عند التوقّف عن العلاج؛ لكن تقليل الجرعة تدريجيًّا يقلّل عمومًا من هذه المشاكل. قد تتكرّر أيضًا نوبات الهلع بعد انسحاب الدواء.
خيارات علاجيّة إضافيّة
يستفيد العديد من مرضى اضطرابات القلق من الانضمام إلى مجموعات المساعدة الذاتيّة أو مجموعات الدعم، إضافة إلى مشاركة مشاكلهم وإنجازاتهم مع الآخرين. كما يمكن للتحدّث مع صديق موثوق به لتقديم الدعم؛ لكنّه ليس بديلًا عن الرعاية الصحّيّة النفسيّة المتخصّصة.
يمكن لمرضى اضطرابات القلق تهدئة أنفسهم من خلال:
- أساليب إدارة الضغط النفسيّ.
- التأمّل.
- التمارين الهوائيّة.
بالمقابل، يمكن للكافيين، وبعض العقاقير غير المشروعة، وبعض أدوية الزكام المتاحة من دون وصفة طبّيّة مفاقمة أعراض اضطرابات القلق؛ لذلك يجب تجنّبهم، واستشارة الطبيب أو الصيدليّ قبل تناول أيّ أدوية إضافيّة.
[…] يؤدّي ذلكَ إلى تطوّرِ أنواعٍ معينةٍ من الرُهاب، مثل: رهاب الخلاء، وتجنُّبِ العديدِ من المواقفِ الاجتماعيّةِ خوفًا من […]
[…] (بالإنجليزيّة: Depression)، ويمكِن أنْ يمِرّوا بحالات مِثل: رُهاب الخَلاء (بالإنجليزيّة: Agoraphobia)، وهو خوف من مغادَرة المَنزِل. […]