اضطراب الهلع: أعراض، وأسباب، وعلاج

يشير اضطراب الهلع (بالإنجليزيّة: Panic Disorder) إلى نوبات الهلع (بالإنجليزيّة: Panic Attacks) المفاجئة والمتكرّرة. ونوبة الهلع هي نوبة من الخوف الشديد وعدم الراحة، تصل إلى ذروتها في غضون بضع دقائق. وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, 5th Edition، ويُختصَر: DSM-5)، يعاني الفرد خلال هذه النوبات من عدّة أعراض جسديّة، مثل: ألم الصدر، أو خفقان القلب، أو ضيق التنفّس، أو الدوار، أو ألم البطن. يصاحب هذه الأعراض أحيانًا الخوفُ من فقدان السيطرة أو الموت. يمكن أن تبدو الأعراض مشابهةً لأعراض النوبة القلبيّة، أو غيرها من الحالات الطبّيّة التي تهدّد الحياة. غالبًا ما يتمّ تشخيص اضطراب الهلع بعد أن استبعدت الفحوصات الطبّيّة أو زيارات غرفة الطوارئ الأمراضَ الخطيرة الأخرى.

يصيب اضطراب الهلع حوالي (2%) إلى (3%) من المراهقين والبالغين الأمريكيّين، ويحدث لدى النساء أكثر من الرجال بمعدّل مرّتين. غالبًا ما تظهر نوبات الهلع في مرحلة الشباب البالغ؛ لكن لن يتطوّر اضطراب الهلع لدى كلّ مَن يعاني من نوبة هلع واحدة.

أعراض اضطراب الهلع

يُشخَّص اضطراب الهلع عندما يعاني الشخص من نوبات هلع غير متوقّعة. تشمل نوبات الهلع (4) على الأقلّ من الأعراض التالية:

  • خفقان القلب، أو تسارع معدّل ضربات القلب.
  • التعرّق.
  • الارتجاف، أو الاهتزاز.
  • ضيق التنفّس، أو إحساس بالخنق.
  • شعور بالاختناق.
  • ألم في الصدر، أو عدم الارتياح فيه.
  • غثيان، أو ألم البطن.
  • الشعور بالدوار، أو عدم الثبات، أو الدوخة، أو الإغماء.
  • الشعور بالانفصال عن الذات، أو الواقع.
  • الخوف من فقدان السيطرة، أو الموت الوشيك.
  • الخوف من الموت.
  • الخَدَر، أو إحساس بالوخز.
  • قشعريرة، أو هبّات ساخنة.

بالإضافة إلى ما سبق، تحدث نوبة هلع واحدة على الأقلّ بعد شهر من الخوف المستمرّ من حدوث نوبة هلع أخرى، أو عواقبها؛ فيتمثّل الخوف مثلًا بالشعور بالخروج عن السيطرة، أو تغيير السلوك تجنُّبًا للنوبة.

كما يفرض التشخيص ألّا تَنتج نوبة الهلع عن تعاطي الموادّ، أو حالة طبّيّة، أو اضطراب آخر من اضطرابات الصحّة النفسيّة.

ما الفرق بين اضطراب الهلع ونوبة الهلع؟

نوبات الهلع قصيرة، ومكثّفة، وتتضمّن أحاسيس جسديّة مثل: صعوبة التنفّس، وتسارُع نبضات القلب، وتوتّر العضلات، وضيق في الصدر. تستمرّ نوبة الهلع من (20) إلى (30) دقيقة. غالبًا ما تحدث نوبة أو نوبتَين أو اثنتين في العمر؛ لكن في حال تكرارها، أو شعور الفرد بالخوف المستمرّ من حدوث نوبة أخرى، من المحتمل أن يكون مصابًا باضطراب الهلع.

أسباب اضطراب الهلع

على الرغم من أنّ أسباب اضطراب الهلع ليست مفهومة تمامًا، توجد عوامل معيّنة مرتبطة بهذا الاضطراب. على وجه الخصوص، يمكن أن يكون الأشخاص الذين يعانون من حساسيّة للقلق، والعصابيّة، والمشاعر السلبيّة أكثر عرضة للإصابة به. كما تشكّل الإساءة الجسديّة، والإساءة الجنسيّة، والقلق من الانفصال في مرحلة الطفولة عوامل خطر،وإن بصورة أقلّ ثباتًا. يمكن أن تسبق نوبةَ الهلع الأولى الفقد أو عامل ضغط ما، مثل: وفاة شخص عزيز، أو تجربة ضارّة جرّاء تعاطي المخدّرات. إضافة إلى ما سبق، يوجد اعتقاد بأنّ علم الوراثة يؤدّي دورًا في الإصابة باضطراب الهلع أيضًا.

أجرى الباحثون دراسات على الحيوانات والبشر لتحديد أجزاء الدماغ المسؤولة عن القلق والخوف. نظرًا إلى أنّ الخوف تَطوَّر للتعامل مع الخطر، يُطلِق الخوفُ استجابةً وقائيّة فوريّة من دون تفكير واعٍ. يعتقد الباحثون أنّ اللوزة الدماغيّة هي البنية التي تنسّق استجابةَ الخوف. واللوزة الدماغيّة بنية معقّدة للغاية، على الرغم من صغر حجمها نسبيًّا. كما تشير الدراسات الحديثة إلى احتماليّة ارتباط اضطرابات القلق مع نشاط غير اعتياديّ للوزة الدماغيّة.

علاج اضطراب الهلع

يُعالَج اضطراب الهلع بشكل فعّال بواسطة الأدوية، والعلاج النفسيّ. يمكن أن يسهم العلاج المناسب من قبل متخصّص في تقليل نوبات الهلع أو منعها؛ وذلك عن طريق تقليل الأعراض أو المخاوف المتعلّقة بحدوث نوبة الهلع. على الرغم من احتماليّة عودة نوبات الهلع، يمكن علاجها بشكل فعّال.

العلاج النفسيّ

يتعلّم المرضى من خلال العلاج المعرفيّ السلوكيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Therapy، ويُختصَر: CBT) رؤية الروابط بين أفكارهم، ومعتقداتهم، وأفعالهم. يغيّر العلاجُ المعرفيّ السلوكيّ أنماطَ التفكير المشوّهة التي تعزّز القلق، ويعرّض الشخصَ للأعراض أو المواقف التي تحرّض على القلق بطريقة تدريجيّة؛ فيساعده على السيطرة على أعراض القلق والهلع. في الواقع، يمكن للعلاج النفسيّ مساعدة الأشخاص المصابين باضطراب الهلع في ما يلي:

  • فهم وجهات نظرهم المشوّهة عن العوامل الحياتيّة الضاغطة، مثل: سلوك الآخرين، أو أحداث الحياة.
  • تعلُّم كيفيّة تقليل إحساسهم بانعدام الحيلة، من خلال التعرّف على الأفكار المسبّبة للهلع، واستبدالها .
  • تعلُّم تقنيّات إدارة الضغط النفسيّ والاسترخاء للمساعدة عند حدوث الأعراض.
  • الممارسة المنتظمة لإزالة التحسّس (بالإنجليزيّة: Desensitization) والعلاج بالتعرُّض (بالإنجليزيّة: Exposure Therapy)؛ يُطلَب خلالها الاسترخاء، ثمّ تخيُّل الأشياء التي تسبّب القلق، واستهدافها من الأقلّ خوفًا إلى أكثرها خوفًا. كما ثبت نجاح التعرّض التدريجيّ لمواقف حياتيّة واقعيّة في مساعدة الأشخاص على التغلّب على مخاوفهم.

العلاج الدوائيّ

أثبتت العديد من الأدوية فعّاليّتها في تخفيف اضطراب الهلع. تشكّل مضادّات الاكتئاب فئة من الأدوية التي يجب تناولها لعدّة أسابيع قبل بدء الأعراض في الاختفاء.

مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة

تعمل مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة (بالإنجليزيّة: Selective Serotonin Reuptake Inhibitors، وتُختصَر: SSRIs) في الدماغ عبر مرسال كيميائيّ يسمّى السيروتونين (Serotonin). تشمل مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة الموصوفة عادةً لاضطراب الهلع ما يلي:

  • فلوكستين (Fluoxetine).
  • سيرترالين (Sertraline).
  • إسيتالوبرام  (Escitalopram).
  • باروكستين (Paroxetine).
  • سيتالوبرام (Citalopram).

تُستخدَم مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة أيضًا في علاج اضطراب الهلع عندما يتزامن مع اضطراب الوسواس القهريّ، أو الرهاب الاجتماعيّ، أو الاكتئاب. يمكن للمرضى الذين يتناولون مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة لأوّل مرّة أن يعانوا في البداية من بعض الأعراض، مثل: الغثيان، والنعاس، والإسهال، آثار جانبيّة جنسيّة؛ ولكنّها تهدأ بمرور الوقت. كما يمكن لتعديل جرعة الدواء أو تبديله بمثبّط آخر من مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة تصحيح المشكلة. يجب على المريض مناقشة جميع الآثار الجانبيّة أو الهواجس مع طبيبه؛ بهدف إجراء التغييرات اللازمة في العلاج الدوائيّ.

البنزوديازيبينات

يمكن وصف البنزوديازيبينات (Benzodiazepines) طبّيًّا لتخفيف أكثر أعراض اضطراب الهلع حدّةً سريعًا. ومن الأمثلة على البنزوديازيبينات:

  • ألبرازولام (Alprazolam).
  • لورازيبام (Lorazepam).

للبنزوديازيبينات آثار جانبيّة أقلّ من تلك المرتبطة بمثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة؛ علمًا أنّ النعاس أثر جانبيّ مشترك بين الفئتَين. لكن يمكن أن يؤدّي التعاطي المتكرّر للبنزوديازيبينات إلى الاعتماد عليها. بناءً عليه، لا يُنصَح بوصف البنزوديازيبينات للمرضى الذين يعانون من مشاكل مرتبطة بسوء تعاطي الكحول أو الموادّ المخدّرة.

عند اللجوء إلى العلاج الدوائيّ، من المهمّ تثقيف المرضى حول الآثار الجانبيّة المحتملة للدواء، والأساس المنطقيّ الذي يستند عليه تحديد نوع الدواء الموصوف طبّيًّا، إضافةً إلى احتماليّة تعارُض عقاقير أو موادّ أخرى مع تأثيرات الأدوية، أو تفاعُلها معها. على المريض أن يعيَ أيضًا وجوب استشارة طبيبه قبل التوقّف عن تناول الدواء الموصوف، أو في حال عجز الدواء عن تخفيف الأعراض.

ما هي أدوية القلق سريعة المفعول؟

يمكن لبعض الأدوية تخفيف الألم في غضون نصف ساعة إلى ساعة، ومنها:

  • ديازيبام (Diazepam).
  • ألبرازولام (Alprazolam).
  • لورازيبام (Lorazepam).
  • كلونازيبام (Clonazepam).

يمكن أن تكون هذه الأدوية مفيدة جدًّا أثناء نوبة الهلع.

مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: علا نصر
مراجعة علمية: سحر هيام
تدقيق لغوي: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.