اضطراب التآزر الحركيّ: أعراض، وأسباب، وعلاج
اضطراب التآزر الحركيّ، أو اضطراب الأداء الحركي (بالإنجليزيّة: Dyspraxia) هو اضطراب عصبيّ يؤثّر على تخطيط المهارات الحركيّة الدّقيقة والكبيرة وتآزرها؛ كما يمكن أن يؤثر على الذّاكرة، مهارة الحكم أو التمييز، والإدراك، ومعالجة المعلومات، والقدرات المعرفيّة الأخرى (هي المهارات العقلية العليا المتمثلة في الإحساس، والانتباه، والإدراك، والذاكرة، والتعلم، والتفكير، وحل المشكلات، وغيرها). يعدّ الشّكل الشّائع لاضطراب التآزر الحركيّ هو خَلَل التنسيق النمائيّ (بالإنجليزيّة: Developmental Coordination Disorder ويُختصر DCD) ويستخدم المصطلحين بالتبادل عادة. يمكن لاضطراب التآزر الحركيّ أن يؤثّر على عدد من المناطق المختلفة في الدماغ والجسم؛ لذا يأخذ أشكال مختلفة باختلاف الأشخاص.
عادة ما يتم التعرف على اضطراب التآزر الحركيّ في الطفولة المُبكرة عندما يعاني الطّفل من تأخُّر في تحقيق إنجازات حركيّة عادية (مثل: الجلوس، الزحف، المشي). يمكن أن تستمر الأعراض في مرحلة المراهقة والرشد. بالرغم من إمكانيّة ظهور اضطراب التآزر الحركيّ بمفرده، إلا انّه غالبّا ما يصاحب اضطرابات أخرى مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (بالإنجليزيّة: Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder، ويُختصر ADHD)، وعسر القراءة (بالإنجليزيّة: Dyslexia)، واضطراب طيف التّوحّد (بالانجليزيّة: Autism Spectrum Disorder). على الرغم من أن اضطراب التآزر الحركيّ ليس اضطراب التعلُّم؛ إلا أنّه يمكن أن يؤثّر على قدرة الشخص على التعلُّم والمشاركة الكاملة في الأنشطة الروتينيّة الأكاديميّة، والاجتماعيّة، والمهنيّة.
ما هي أعراض اضطراب التآزر الحركيّ؟
عادة ما تظهر أعراض اضطراب التآزر الحركيّ في مرحلة مُبكرة من العمر. قد تزداد قابلية الرضّع ذوي اضطراب التآزر الحركيّ، في وقت مُبكر، لسرعة الانفعال وقد يعانون من مشاكل في التغذّية. يمكن أن تستمر مشاكل الطفل المعتادة في التغذيّة في مرحلة الحبو وبداية المشي (بالانجليزيّة: Toddlerhood) وتظهر تأخّرات ارتقائية أخرى مثل: صعوبة في التّدريب على استخدام الحمّام، ورفض اللَّعب بالألغاز أوالألعاب التي تتطلّب البناء، وقد تبدو عليه عدم القدرة على رمي أو إلتقاط الكُرة.
غالبَّا ما يُسقط الأطفال ذوي اضطراب التآزر الحركيّ الأشياء، ويكون لديهم مشاكل مع الأنشّطة التي تتطلّب التآزر بين اليد والعين. على سبيل المثال: كثيرًا ما يواجه الأطفال ذوي اضطراب التآزر الحركيّ صُعوبة في التحكّم بالأزرار، والسحّابات، الكبّاسات. ليس غريبًا تجنّب الأطفال ذوي اضطراب التآزر الحركيّ للأنشّطة البدنيّة بدافع الخجل أو الإحراج والذي ينتج عنه ضعف نمو العضلات. ينتُج عن ضعف العضلات صُعوبات في الرّياضة، وفصل الليّاقة البدنيّة، وحتى الوقوف لأى مُدة من الوقت. يُعاني هؤلاء الأطفال غالبَّا من التأخّر في الكلام والكتابة، وربما يعانوا من النسيان وضياع الأشياء، ولديهم صعوبة في التقاط الهاديات الاجتماعيَّة غير اللَّفظيَّة.
عادة تستمر المشاكل في التآزر الحركي، والذاكرة، والإدراك، ومهارات الحديث واللُّغة، واتباع التوجيهات، والتحكم بالمشاعر حتى مرحلة الرشد؛ مما يسبب مشاكل في التّخطيط، والتّنظيم، والتَّركيز، والدقة. تكون النتيجة في كثير من الأحيان سلوك غريب أو مندفع، أو ميل لتجنّب المواقف الجديدة أو غير المتوقّعة، أو تلك التي تتطلّب العمل في فريق. يمكن أن تؤدي هذه الصعوبات المُستمرة إلى مشاكل انفعالية وسلوكيّة متنوعة، تتضمّن اضطرابات الاكتئاب، والقلق، والمشقّة، وانخفاض تقدير النفس، والمخاوف وأنوع الرّهّاب، والإدمانات.
ما معدل شيوع اضطراب التآزر الحركيّ؟
يُعتقد أن اضطراب التآزر الحركيّ يصيب ما بين (6%) إلى (10%) من الأطفال بدرجة ما، ويؤثّر على (2%) من الأطفال بدرجة حادة طبقًا لمؤسّسة اضطراب التآزر الحركيّ (بالانجليزية: The Dyspraxia Foundation). من الأرجح أن يصاب الذكور بتلك الحالة أكثر من الإناث.
هل يؤثر اضطراب التآزر الحركيّ على ذكاء الطّفل؟
لا، إصابة الفرد باضطراب التآزر الحركيّ لا يجعله أقل ذكاءً. ومع ذلك، يمكن أن يؤثّر اضطراب التآزر الحركيّ على الذاكرة العاملة؛ مما يؤدي إلى أداء أضعف بالفصول الدراسيّة بغض النظر عن الذّكاء. فهم نقاط الضعف الفرديّة للطالب ذي اضطراب التآزر الحركيّ، قد تمكن المَدارس من توفير تسهيلات محددّة وموجهة للطالب لزيادة فرصته في النجاح الأكاديميّ.
ما هي أسباب اضطراب التآزر الحركيّ؟
إنّ السبب المحدّد لاضطراب التآزر الحركيّ غير معروف. تتضّمن عوامل الخطر المسببة للحالة: الولادة المبكّرة، وانخفاض الوزن عند الولادة، وتاريخ عائلي من اضطراب التآزر الحركيّ، وتناول الكحول أو المخدّرات أثناء الحمل، طبقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، ويُختصَر: DSM-5). يمكن أن تتأثّر شكل حالة اضطراب التآزر الحركيّ تأثّرًا ملحوظًا عند تزامنها مع حالات أخرى وخاصة حالة اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
هل يسري اضطراب التآزر الحركيّ في العائلات؟
بالرغم من أنّه لم يثبت وجود أي سبب جيني لاضطراب التآزر الحركيّ، إلا أنّه يمكن للعديد من الآباء للأطفال ذوي اضطراب التآزر الحركيّ إيجاد أفراد آخرون بالعائلة الذين عانوا من هذه الحالة.
هل يسير اضطراب التآزر الحركيّ جنبا إلى جنب مع اضطراب طيف التّوحّد؟
بالرغم من الالتباس الشائع بين اضطراب التآزر الحركيّ واضطراب طيف التّوحّد، إلا أن اضطراب التآزر الحركيّ ليس شكلًا من أشكال اضطراب طيف التّوحّد. يمكن أن تتشارك الحالتين في نفس الأعراض والتي تتضمّن: التأخّر اللّغويّ، عدم القدرة على التّعبير عن المشاعر لفظيًا، ضعف التّواصل البصريّ، صعوبات في المعالجة الحسيّة. يؤدي التّشخيص الخاطئ للطفل ذو اضطراب التآزر الحركيّ باضطراب طيف التوحد إلى إحراز تقدّم ضئيّل في إدارة الأعراض الخاصة بهم. يظهر اضطراب التآزر الحركيّ مع اضطراب طيف التّوحّد أو منفردًا؛ لذا يعد التّشخيص والتّقييم الدّقيق من قِبل متخصّص هو أمر جوهريّ.
ما هو علاج اضطراب التآزر الحركيّ؟
لا يمكن الشفاء من اضطراب التآزر الحركيّ ولكن يستطيع الأشخاص المصابون بهذه الحالة عيش حياة كاملة ومُرضيّة. قد يساعد العلاج المصابين باضطراب التآزر الحركيّ في إدارة الأعراض، وتحسين قوة العضلات، والتأزر البدنيّ. كما قد يسمح تشخيص الطّفل باضطراب التآزر الحركيّ بالتأهّل للعلاج الوظيفيّ، وعلاج التخاطب، وحصوله على خدمات خاصة وتسهيلات أخرى من خلال النظام المدرسي.
في المنزل، يمكن تشجيع الأطفال على المشاركة في أنشطة بدنيّة، واللّعب النّشط لتقويّة العضلات وتحسيّن التّآزر البدني. تساعد الألعاب الفرديّة (مثل: السّبّاحة، وقيادة الدرّاجة) على إبقاء الطّفل في حالة بدنيّة نشطة وتقليل خطر الإصابة بالسّمنة. يمكن للأطفال العمل على مهارات الألغاز والأنشطة مثل قذف أكياس القماش (بالإنجليزيّة: Toss a Bean Bag، وهي لعبة تتضمّن محاولة قذف أكياس صغيرة من القماش داخل فتحات مُرقمة) لتحسيّن التّآزر بين العين واليد. يمكن لتدخلات بسيطة (مثل: محاولة استخدام قبضة القلم الرصاص، أو تعلُّم الكتابة على لوحة المفاتيح) أن تساعد في مهارات التواصل
هل يمكنك تخطّي اضطراب التآزر الحركيّ؟
يمكن اختفاء أعراض طفيفة جدا من اضطراب التآزر الحركيّ مع مرور الوقت لدى بعض الأطفال. ومع ذلك، يستمر تأثير اضطراب التآزر الحركيّ على الشخص المصاب في مرحلة المراهقة والرشد عند أغلب الحالات. تقل مشاكل التّآزر البدنيّ للانخفاض كلّما تقدّم الشّخص بالعمر وأصبح لديه استقلاليّة وتحكّم أكبر بحياته، كما يصبح التحكّم بأعراض اضطراب التآزر الحركيّ المستمرة أكثر يسرًا مع وجود خطة علاجيّة فعّالة.
كيف يمكن للمراهقين والراشدين التعايش مع اضطراب التآزر الحركيّ؟
يمكن المراهقين والراشدين ذوي اضطراب التآزر الحركيّ الاستفادة من العلاج الوظيفيّ في تعلُّم المهارات العمليّة اليوميّة مثل قيادة السّيّارات أو مشاريع قم بها بنفسك (بالإنجليزيّة: DO It Yourself، وتُختصر:DIY، وهي مشاريع تعتمد على بناء، أو تعديل، أو إصلاح أشياء دون مساعدة مباشرة من الخبراء والمحترفين). كما يُمكنْهم من خلال العلاج المعرفيّ السلوكيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Therapy، واختصاره: CBT) تعلُّم كيفيّة التحرّر من أنماط التفكير المؤذية والتي عادة ما تظهر كنتيجة للتعامل مع حالة مرضيّة مزمنة.
التعليقات مغلقة.