اضطراب دورويّة المزاج: أسباب، وأعراض، وعلاج
اضطراب دورويّة المزاج، أو اضطراب المزاج الدوري، أو السيكلوثيميا (بالإنجليزيّة: Cyclothymic Disorder) هو شكل أخف شدّة من الاضطراب ثنائيّ القطب، ويتميّز بنوباتٍ من المزاج المُتقلّب صعودًا وهبوطًا لمدّة عامين على الأقل.
التعريف
يتميّز اضطراب دورويّة المزاج -شكل أخف شدّة من الاضطراب ثنائيّ القطب- بتقلّبات مزاجيّة مزمنة، ومتذبذبة من أعراض الاكتئاب وأعراض الهوس الخفيف (الابتهاج والإثارة)؛ مع الأخذ في الاعتبار ألّا تكون هذه الأعراض كافية من حيث العدد، أو الشدّة، أو المدّة؛ لتشخيصهم كنوبات هوس أو اكتئاب حقيقيتين.
تتضمّن نوبة الهوس الخفيف فترات من ارتفاع المزاج، والشعور بالنّشوة، والإثارة، ولكنّها لا تفصل الشّخص عن الواقع. يعاني المصاب باضطراب دورويّة المزاج من أعراض الهوس الخفيف؛ ولكن دون أن يصل لمرحلة الهوس الكامل. قد يمنح الهوس الخفيف شعورًا جيّدًا للشّخص اﻟذي يعاني منه، وﯾُﻣﮐِن أن ﯾؤدّي إﻟﯽ ﺗﻌزﯾز اﻷداء واﻹﻧﺗﺎﺟﯾّﺔ، وبالتالي؛ حتى عندما يُلاحظ الأهل، والأصدقاء هذه التقلّبات المزاجيّة ويصنفوها على أنّها اضّطراب ثنائيّ القطب محتمل، فقد ينكر الشّخص المصاب حقيقة وجود مشكلة من الأساس. ومع ذلك، يمكن أن تتحوّل نوبات الهوس الخفيفة بدون علاج مناسب إلى هوسٍ شديدٍ أو اكتئاب.
من أجل تشخيص أعراض اضطراب دورويّة المزاج؛ يجب ظهور أعراض الهوس الخفيف، والأعراض الاكتئابيّة في أوقاتٍ منفصلةٍ لمدّة عامين على الأقل. سيعاني حوالي (0.4٪) إلى (1٪) من الأشخاص من اضطراب المزاج الدوري في حياتهم. يبدأ الاضطراب عادة في مرحلة المراهقة أو المرحلة الباكرة من البلوغ، وهناك خطر بنسبة تتراوح بين (15٪) و(50٪) بأنّ الشخص المصاب باضطراب دورويّة المزاج سيطوّر اضطراب ثنائيّ القطب من النوع الأوّل أو الثّاني. لا يزال معدّل الخطر هذا منخفضًا للغاية لاعتبار اضطراب دورويّة المزاج مظهرًا مبكّرًا لاضطراب ثنائيّ القطب؛ حيث أنّ الكثير من الأشخاص يتعافون، ولا يتعرّضون لأعراضٍ هوسيّة أو اكتئاب فيما بعد.
يشيع اضطراب دورويّة المزاج بالتّساويّ بين الذّكور والإناث.
الأعراض
يُبدي الفرد لمدّة عامين على الأقل (عامٌ واحدٌ للأطفال والمراهقين) أعراض هوسيّة خفيفة، واكتئابيّة لا توافق معايير تشخيص نوبات هوس أو اكتئاب حقيقيّتين. تشبه الأعراض الهوسيّة الخفيفة أعراضَ الهوس؛ ولكنها تكون أقصر، وليست بذات الشدّة.
أعراض وعلامات الهوس الخفيف
- زيادة الطّاقة، والنّشاط، وعدم السّكينة.
- مزاج شمقيّ (بالإنجليزيّة: Euphoric mood) جيّد بالمجمل، ومرتفع بشكلٍ مفرط.
- التهيّج المُفرِط.
- تسارع الحديث والأفكار، والقفز من فكرة إلى أخرى.
- التشتّت، وعدم القدرة على التّركيز.
- التحدّث بشكلٍ أكثرُ من المعتاد، أو الشّعور بضغطٍ للاستمرار بالكلام.
- الاكتفاء بفترات نومٍ أقلّ.
- اعتقادات غير واقعيّة في قوّته، وقدراته.
- ضعف قدرة الحكم على الأشياء.
- الإنفاق بكثرة.
- سلوك غير اعتياديّ يستمرّ لفترة ما.
- ازدياد الدّوافع الجّنسيّة.
- تعاطي مفرط للمخدّرات، ولاسيما الكوكايين، والأدويّة المنوّمة، والكحول.
- سلوك استفزازيّ، أو تطفليّ، أو عدوانيّ.
- إنكار وجود أيّ مشكلة.
يتمّ تشخيص نوبة الهوس الخفيفة إذا حدث ارتفاع في المزاج إلى جانب ثلاثة أعراض أخرى أو أكثر من الأعراض السابقة، أغلب اليوم، وكلّ يومٍ تقريبًا، لمدَّة أربعة أيّام أو أكثر. إذا كان المزاج متهيّجًا؛ يجب أن تظهر أربعة أعراض إضافيّة. وتُشخّص كنوبة هوسيَّة إذا استمرّت الأعراض لمدة أسبوعٍ أو أكثر.
أعراض وعلامات الاكتئاب
- حزنٌ مستمرٌّ.
- التّعب أو الخمول.
- النّوم المفرط، أو عدم القدرة على النّوم.
- فقدان الشّهيّة والوزن، أو زيادتهما.
- فقدان تقدير الذّات.
- الشّعور بانعدام القيمة الذاتيّة، أو اليأس، و\أو الذّنب.
- صعوبة التّركيز، والتّذكّر، واتّخاذ القرارات.
- الابتعاد عن الأصدقاء.
- الابتعاد عن النّشاطات الّتي كانت ممتعة سابقًا.
- أفكار مستمرّة حول الموت.
علامات الإصابة باضطراب دورويّة المزاج
- لا تغيب الأعراض لأكثر من شهرين متتاليين خلال فترة السّنتين (سنة واحدة للمرضى الأصغر سنًّا).
- لم يسبق للمريض أن تعرّض لنوبة اكتئابية شديدة، أو أيّ نوبات هوسيّة أو هوسيّة مختلطة.
- لا يتواجد الاضطراب إلّا في سياق المرض الذّهانيّ.
- الأعراض ليست نتيجة مباشرة لحالة طبيّة، أو استخدام مواد معيّنة.
- تؤدي الأعراض إلى تراجع، أو تعطّل كبير في الحياة الاجتماعية، أو العمل، أو طبيعة الشّخصيّة.
ليس من النّادر معاناة الأشخاص المصابون باضطراب دورويّة المزاج من اضطراباتٍ نفسيَّة أخرى؛ كاضطرابات تعاطي المواد (الإدمانيّة)، واضطرابات النّوم. كما أنّ الأطفال الذين يعانون منه يكونون عرضة للإصابة باضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة أكثر من غيرهم.
الأسباب
سبب اضطراب دورويّة المزاج غير معروف. بالرّغم من أنّ تقلّبات المزاج غير منتظمة ومفاجئة؛ إلّا أن شدّتها أقلّ بكثير من تلك الّتي يعاني منها مرضى اضطراب المزاج ثنائيّ القطب (مرض الهوس الاكتئابي). وعلى عكس اضطراب المزاج ثنائيّ القطب؛ لا تتحوّل نوبات الهوس الخفيفة إلى هوس، حيث يفقد فيها الشخص السّيطرة على سلوكه، وينخرط في سلوكيّات جنسيّة محفوفة بالمخاطر أو تعاطي المخدّرات، ويفقد الاتّصال مع الواقع.
نوبات الهوس الخفيفة منشّطة، ويمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الإنتاجيّة عند بعض الأشخاص، أو التسبب في سلوكًا اندفاعيًا غليظًا عند البعض الآخر؛ والّذي قد يؤدي إلى تخرّب العلاقات. نظرًا لأن الهوس الحفيف يسبب شعورًا بالارتياح؛ فقد لا يلجأ الأشخاص الذين يعانون من اضطراب دورويّة المزاج إلى العلاج.
قد يكون من المفيد الاطّلاع على أسباب الاضطراب ثنائيّ القطب؛ لفهم أسباب اضطراب دورويّة المزاج.
يتّفق معظم العلماء الآن على أنّه لا يوجد سبب وحيد محدّد للاضطرابات ثنائيّة القطبيَّة، بل تتداخل عدّة عوامل معًا لإظهار تلك الظّروف. على أيّة حال؛ من المعروف أن اضطراب الاكتئاب الرئيسي، واضطرابات ثنائيّ القطب من النوع الأوَّل، والثاني، أكثر شيوعًا بين أقارب الأفراد الذين يعانون من اضطراب دورويّة المزاج.
يبحث الباحثون عن الجينات التي قد تزيد من فرصة الفرد في الإصابة بالاضطرابات ثنائيّة القطبيَّة؛ حيث من الملاحظ ميلها للانتشار ضمن العائلات. لكن الجّينات ليست هي المشكلة كلّها؛ حيث تشير الدّراسات المُجراة على التّوائم المُتطابقة الّذين يتشاركون جميع الجّينات؛ إلى أنّ هناك العوامل أخرى تلعب دورًا في الاضطراب ثنائيّ القطب بجانب الجينات. لو كان الاضطراب ثنائيّ القطب ناجمًا عن الجّينات دومًا؛ فإن التوأم المتطابق للشّخص الّذي يعاني من الاضطراب سيصاب به بالتّأكيد، وليس هذا ما يحدث. ولكن إذا كان أحد التوأمين مصابًا باضطراب ثنائيّ القطب، فاحتمال ظهور المرض عند التّوأم الآخر يكون أكبر من غيره من الأخوة.
لا يحدث الاضطراب ثنائيّ القطب -مثله كمثل الأمراض العقليّة الأخرى- بسبب جين واحد. يبدو أنّ هناك العديد من الجّينات المختلفة التي تعمل معًا جنبًا إلى جنبٍ مع عواملٍ أخرى خاصة بالفرد وبيئته. إنّ العثور على هذه الجينات -الّتي يساهم كل منها بجزء صغير فقط من احتمال حدوث الاضطراب- كان صعبًا للغاية. لكن يتوقّع العلماء أن أدوات البحث المتقدّمة المستخدمة حاليًّا ستؤدّي إلى علاجات أكثر فعالية.
العلاج
يشبه علاج اضطراب دورويّة المزاج علاج اضطراب ثنائي القطب بنوعيه الأول والثاني، وتعتمد الخطّة العلاجيّة على شدة الأعراض.
يمكن لمعظم الأشخاص الّذين يعانون من اضطراب ثنائيّ القطب – حتى أشدّ أشكاله – أن يحقّقوا استقرارًا حقيقيًّا في أعراضهم مع العلاج المناسب. وينصح بشدّة بالعلاج الوقائيّ على المدى الطّويل؛ لأنّ الاضطراب ثنائيّ القطب مرض ناكس. وتعدّ الاستراتيجيّة الّتي تجمع بين العلاج الدّوائيّ، والعلاج النّفسيّ هي الطّريقة المُثلى للسيطرة على هذا الاضطراب.
في معظم الحالات يكون التّحكم بالاضطراب ثنائيّ القطب أفضل إذا كان العلاج مستمرًّا ممّا لو كان متقطّعًا، ولكن حتى في حال عدم حدوث انقطاع في العلاج؛ يمكن حدوث تغيّرات في المزاج ويجب إبلاغ الطّبيب عنها فورًا. قد يتمكّن الطّبيب من منع حدوث النوبة التّامّة عن طريق إجراء تعديلات على خطّة العلاج. كما يمكن أيضًا للعمل عن كثب مع مختصّ، والتّواصل بصراحة حول أيّ مخاوف وخيارات؛ إحداث فرقًا في فعاليّة العلاج.
بالإضافة إلى ذلك، يُساعدُ تسجيل مخطّطٍ للأعراض المزاجيّة اليوميّة، والعلاج، وأنماط النّوم، والأحداث الحياتيّة، الأشخاص الّذين يعانون من الاضطراب، وعائلاتهم على فهم المرض بشكلٍ أفضلٍ. كما يمكن لهذا المخطّط أن يساعد الطّبيب في متابعة، وعلاج المرض بشكل أكثرَ فعاليّة.
العلاج الدوائيّ
تُوصف الأدوية اللّازمة للاضطراب من قبل الأطبّاء النّفسيّين. في حين أنّ أطبّاء الرّعاية الأوليّة الذين لا يتخصّصون في الطّب النّفسيّ قد يصفون أدوية أيضًا؛ إلَّا أنّه من المفضّل أن يرى الأشخاص الّذين يعانون من اضطراب ثنائيّ القطب طبيبًا نفسيًّا للعلاج.
وعادة ما توصف مُعدِّلات المزاج للمساعدة في السّيطرة على الاضطراب ثنائيّ القطب. ويوجد منهم عدّة أنواع مختلفة متاحة. بشكل عام، يستمر المرضى في استخدام معدّلات المزاج لفترات طويلة من الزّمن. تضاف أدوية أخرى عادةً على حسب المطلوب، ولفترات أقصر لعلاج نوبات الهوس أو الاكتئاب الّتي تحدث على الرّغم من استقرار المزاج.
يعتبر الليثيوم (بالإنجليزيّة: Lithium) الّذي تمّت الموافقة عليه لعلاج الهوس الحاد في عام (1970) من قبل إدارة الغذاء والدّواء الأمريكيّة (FDA)؛ دواءً فعالاً لتعديل المزاج عند العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائيّ القطب.
استُخدِمَت الأدوية المضادة للاختلاج والتشنّج -ولا سيما الفالبروات (بالإنجليزيّة: Valproate) والكاربامازبين(بالإنجليزيّة: Carbamazepine)- كبدائل للّيثيوم في كثير من الحالات. تتم حاليًّا دراسة الأدوية المضادة للاختلاج والتشنّج الحديثة، بما فيها اللاموتريجين (بالإنجليزيّة: Lamotrigin) والجابابنتين (بالإنجليزيّة: Gabapentin) والتوبيراميت (بالإنجليزيّة: Topiramate)؛ لتحديد فعاليّتها كمعدّلات للمزاج في الاضطراب ثنائيّ القطب. تشير بعض الأبحاث إلى فائدة إعطاء الليثيوم ومضادات الاختلاج معًا للعلاج. على كل حال، من المهم معرفة أن بعض الأشخاص المصابين باضطراب دورويّة المزاج قد لا يستجيبون للأدوية بنفس درجة استجابة مرضى الاضطراب ثنائيّ القطب بنوعيه الأوَّل والثاني.
يُعالَج الأطفال والمراهقون بالليثيوم بشكلٍ عام، لكن فالبروات والكاربامازبين مفيدان أيضًا. يدرس الباحثون سلامة وفعاليّة هذه الأدوية وغيرها عند الأطفال والمراهقين. هناك بعض الأدلّة على أنّ الفالبروات قد يؤدي إلى تغيّرات هرمونيّة سلبيّة عند الفتيات المراهقات، وقد يسبب حدوث متلازمة المبيض متعدّد الكيسات (بالإنجليزيّة: Polycyctic ovary syndrome) لدى النّساء الّلواتي بدأن بتناوله قبل سنّ العشرين. لذلك، يجب مراقبة المرضى الإناث الصّغيرات الّلاتي يتناولن الفالبروات بعناية من قبل الطّبيب.
تواجه النّساء المصابات باضطراب ثنائيّ القطب الّلاتي يرغبن في الحمل، أو اللواتي يحمِلن؛ تحدّياتٍ خاصّة بسبب التّأثيرات الضّارة المحتملة للأدوية على الجّنين والرّضيع. يجب مناقشة فوائد ومخاطر جميع الخيارات المتاحة مع طبيب مختصّ في هذا المجال. يتمّ حاليًّا دراسة علاجات جديدة منخفضة المخاطر في حال الحمل والإرضاع.
في أوقات مختلفة قد تكون هناك حاجة لبعض التغييرات في خطّة العلاج من حيث نوع أو جرعة الدّواء، يشرف عليها الطّبيب النفسيّ.
تأكّد من إخبار طبيبك النّفسيّ عن جميع الأدوية الأخرى الموصوفة لك، أو الأدوية الّتي تتناولها بدون وصفة طبيّة، أو المُكمّلات الغذائيّة الطبيعية. يعدُّ هذا أمرًا بالغَ الأهميّة لأنّ تداخل بعض الأدوية والمكمّلات قد يسبب ردود فعلٍ سلبيّةٍ. من الحكمة الالتزام بخطّة العلاج لتقليل فرص الانتكاس، ولا تتردّد في التحدّث إلى طبيبك حول أيّة مخاوف لديك بشأن الأدوية.
العلاج النفسيّ
كإضافة إلى الأدوية، يمكن للعلاج النفسيّ الاجتماعيّ -بما في ذلك أشكال معينة من العلاج النفسيّ أو العلاج بالتحدّث- أن يوفر الدّعم والتّعليم والإرشاد لهؤلاء الّذين يعانون من الاضطراب ثنائيّ القطب، وعائلاتهم. وقد أظهرت الدّراسات أنّ التّدخّلات النّفسيّة الاجتماعيّة يمكن أن تؤدي إلى زيادة استقرار المزاج، وتقليل الحاجة لدخول المريض إلى المستشفى للعلاج، وإلى أداءٍ أفضل في مجالاتٍ عدّة. عادة ما يقدّم الأخصائيّ النفسيّ المرخّص، أو الأخصائيّ الاجتماعيّ هذه العلاجات، وهو ينسّق مع الطّبيب النفسيّ لمراقبة تقدّم المريض.
يعتمد عدّد الجّلسات، وتواترها، ونوعها على الاحتياجات العلاجيّة لكلّ شخص. حيث أنَّ أنواعٌ معيّنة من العلاج النفسي، أو التدخّلات الأخرى، بجانب الأدوية؛ يمكنهم تقديم فائدة إضافيّة. هذه العلاجات تشمل: العلاج السلوكيّ المعرفيّ، والعلاج الاجتماعيّ الشخصيّ، والعلاج الأسريّ، والتوعية النفسيَّة.
المصادر
- American Psychiatric Association, Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fourth Edition
- American Psychiatric Association, Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition
- National Institutes of Health
- National Institutes of Mental Health, Genetics Workgroup
- US Public Heath Service, Office of Surgeon General