أزمة منتصف العمر: أعراض، وأسباب، وعلاج

يشكّل منتصف العمر (بالإنجليزيّة: Midlife) المرحلة الوسطيّة من حياة الإنسان، والممتدّة من سنّ (40) عامًا حتّى سنّ (65) عامًا على وجه التقريب. يمكن أن يكون منتصف العمر مرحلة ضاغطة؛ إذ يشعر العديد من الأشخاص بالاستياء، وعدم القدرة على الاستراحة، وهم يواجهون الشيخوخة، والفناء، والتمسّك بإحساس بالهدف. من المحتمل أن يتولّى البالغون مسؤوليّات وظيفيّة جديدة خلال هذه المرحلة؛ وعليه، قد يشعرون بالحاجة إلى إعادة تقييم مكانتهم المهنيّة، بالإضافة إلى إجراء تغييرات بينما يشعرون أنّ الوقت لا يزال يسمح لهم بذلك. أمّا مصطلح «أزمة منتصف العمر» فظهر للمرّة الأولى في الورقة البحثيّة التي أعدّها النفسانيّ «إيليوت جاك»، والتي نُشرَت في الجريدة الدوليّة للتحليل النفسيّ سنة (1965). تناول «جاك» في ورقته البحثيّة أعمال الملحّنين والفنّانين الإبداعيّة، وأشار إلى انخفاض إنتاجيّتهم عند وصولهم إلى مرحلة منتصف العمر.

يُعَدّ منتصف العمر المرحلة الزمنيّة التي يلحظ خلالها البالغون فناءهم، وإحساسهم بتضاؤل عدد السنين المتبقّية من حياتهم المنتِجة. على الرغم من أنّ معظم الناس لا يعانون من أزمة حادّة خلال منتصف أعمارهم، يظهر لدى بعض الأفراد حالات مثل: الاكتئاب، والقلق. ويمكن أن تكون النساء اللواتي ينقطع الطمث لديهنّ أكثر عرضة للمعاناة من الضيق.

تجدر الإشارة إلى أنّ أزمة منتصف العمر ليست تشخصيًا طبّيًّا.

أعراض أزمة منتصف العمر

يمكن لأزمة منتصف العمر أن تُترجَم في ظهور شكوك صغيرة ومزعجة. تقود هذه الشكوك إلى سلسلة من أحداث دراميّة تبدو غير منطقيّة؛ غير أنّها تؤدّي في نهاية المطاف إلى تغيير كبير. يسأل الشخص الذي يعاني من تحدّيات متعلّقة بمنتصف العمر أسئلة مشابهة لما يلي: «هل هذا كلّ شيء إذًا؟ هل أنا فاشل؟». يبحث الأشخاص في منتصف العمر أيضًا عن المعنى والهدف، ويخيب أملهم؛ إذ إنّ الحياة تبدو لهم قصيرة جدًّا.

تتراوح علامات أزمة منتصف العمر من خفيفة إلى شديدة، وتشمل ما يلي:

  • الإنهاك، أو الملل، أو السخط على الحياة عامّةً أو نمط حياة معيّن -بما فيهما مِن أشخاص وأشياء- كانا مُرضيَين في مرحلة سابقة.
  • طاقة جامحة، والشعور بعدم القدرة على الاستراحة، والرغبة في القيام بشيء مختلف تمامًا.
  • الاستجواب الذاتيّ، والتساؤل حول القرارت المُتّخَذة عبر السنين الفائتة، ومعنى الحياة.
  • اضطراب حول الهويّة، أو كيفيّة مجرى الحياة.
  • أحلام اليقظة المفرطة.
  • التهيّج، والغضب غير المتوقّع.
  • الحزن المستمرّ.
  • زيادة في تعاطي الكحول أو الموادّ المخدّرة، أو الاستهلاك الغذائيّ، أو سلوكيّات قهريّة أخرى.
  • انخفاض الرغبة الجنسيّة أو زيادتها بشكل ملحوظ.
  • علاقات جنسيّة، وخصوصًا مع شخص أصغر سنًّا بكثير.
  • انخفاض مستوى الطموح أو زيادته بشكل كبير.

أسباب أزمة منتصف العمر

يمكن حدوث هذه المشاعر في منتصف العمر بشكل طبيعيّ، أو كنتيجة لخسارة أو تغيير كبيرَين مثل: الطلاق، أو رعاية الآباء المسنّين، أو موت أحد الوالدين، أو العشّ الفارغ. قد يكون التصالح مع مثل هذه الخسارات أو التغييرات صعبًا بما فيه الكفاية. علاوةً على ذلك، يَفرض منتصف العمر تغييرات يمكن أن تجعل عمليّة التصالح هذه محيّرة وقاهرة.

إضافة إلى ما سبق، يكافح الأشخاص من هذه الفئة العمريّة الأمراض، ويشكون من الأوجاع والآلام جرّاء تغيُّر أجسادهم.

علاج أزمة منتصف العمر

يستهلك التعامل مع تحدّيات منتصف العمر وقتًا وطاقة على السواء. في ما يلي، نقدّم لكم بعض النصائح التي يمكن أن تساعدكم على تحقيق نمط حياة صحيّ في منتصف العمر.

  • استكشف مشاعرك، واقبلها، وشاركها.
  • اسمح لنفسك بالتفكُّر في حياتك بشكل منتظم.
  • كرّس وقتًا إضافيّا لشريك حياتك.
  • ضع لنفسك أهدافًا جديدة، ونمِّ هوايات جديدة.
  • سافر، وتطوّع.
  • خصّص وقتًا لأطفالك.
  • اعتن بصحّتك النفسيّة بشكل أكبر؛ وتوجّه إلى العلاج النفسيّ الفرديّة أو الجماعيّ ما إذا استدعت الحالة.

يعتقد البعض أنّ تراجُع الصحّة الجسديّة نتيجة حتميّة للشيخوخة؛ غير أنّ هذا غير صحيح. في الواقع، يَنتج الكثير من الضعف الجسديّ المنسوب للشيخوخة عن الخمول، أو المرض، أو سوء التغذية، وغيرها من الصعوبات التي يمكن تخفيفها؛ بل وعكسها عن طريق تحسين سلوكيّات نمط الحياة. يمكن للتمارين الرياضيّة المساعدة في الحفاظ على الصحّة، ومستوى اللياقة اللازمة لحياة نشيطة ومستقلّة.تتعدّد فوائد النشاط الجسديّ المنتظم، وأهمّها:

  • الحماية من مرض الشريان التاجي.
  • الحماية ضدّ الأمراض المزمنة مثل: مرض سكّري النوع الثاني، والتهاب المفاصل، وارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع السرطان، وهشاشة العظام، والاكتئاب.
  • تقليل التوتر والضغط النفسيّ.
  • الحفاظ على حياة جنسيّة نشطة.

يحتاج البالغون الأكبر سنًّا إلى اتّباع حمية غذائيّة متوازنة ومغذّية من أجل الحفاظ على صحّة جيّدة. يساعد التنويع في استهلاك الأطعمة على ضمان مستويات كافية من الفيتامينات والمعادن. كما توصي الإرشادات الغذائيّة الأمريكيّة البالغين بالتقليل من تناولهم للدهون، والدهون المشبّعة، والكولسترول، والصوديوم، والسكّر مع تقدّمهم بالعمر.

يميل بعض البالغين لاكتساب الوزن في منتصف العمر. يعود ذلك عمومًا للتغييرات الهرمونيّة، والإفراط في تناول الطعام، والخمول. ومن أفضل الطرق للتخلّص من دهون الجسم:

  • تناوُل سعرات حراريّة أقلّ، خصوصًا من الدهون المشبّعة.
  • ممارسة التمارين الهوائيّة. كما يمكنك الاكتفاء بالمشي لمدّة تتراوح بين (20) و(30) دقيقة.

ما أهمّيّة التوازن وخفّة الحركة خلال منتصف العمر؟

غالبًا ما نميل إلى اعتبار التوازن وخفّة الحركة من المسلّمات. يمكن أن تساعد ممارسة الرياضة بانتظام على المحافظة على التوازن وخفّة الحركة، أو استعادتهما. كما يمكن أن يساعد الإحساس المستقرّ بالتوازن على تدارُك الدوخة التي تسبّبها التغييرات في الرؤية في منتصف العمر وما بعد هذه المرحلة. بالإضافة إلى ما سبق، يمكن أن تساعد تنمية العضلات على تجنّب الضعف وعدم الثبات اللذين قد يؤدّيان إلى السقوط؛ وهو مساهم رئيسيّ في اعتلال الصحّة في السنوات اللاحقة من العمر.

هل يتغيّر النوم خلال منتصف العمر؟

يمكن أن تتغيّر أنماط النوم خلال منتصف العمر؛ ما يجعل النوم والراحة عاملَين حيويَّين لتجديد النشاط في هذه المرحلة. يمكن أن تحافظ بعض السلوكيّات على نوم ليليّ سليم، ومنها:

  • ممارسة التمارين الرياضيّة.
  • اعتماد حمية غذائيّة متوازنة.
  • الحدّ من تناوُل الكحول والكافيين.
  • تجنُّب القيلولة أثناء النهار.

كما يمكن للحمية الغذائيّة المناسبة والنشاط الجسديّ تخفيف المشاكل المتعلّقة بالأرق.

مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: إيمان البحيري
تدقيق لغوي: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.