اضطراب الضغط النفسيّ الحاد (الصدمة النفسيَّة): أعراض، وأسباب، وعلاج
التعريف
اضطراب الضغط النفسيّ الحاد (بالإنجليزيَّة: Acute Stress Disorder)، يشار إليه أيضًا باسم اضطراب الكرب الحاد، أو الصدمة النفسيَّة، أو الصدمة فقط.
يتضمّن هذا الاضطراب أعراضًا تستمر من ثلاثة أيام إلى شهرٍ واحد بعد التعرض لحدثٍ صادم أو أكثر. تتطوَّر الأعراض بعد رؤية الفرد أو مروره بحدثٍ ما يتضمَّن تهديدًا أو موتًا محققًا، أو إصابة خطيرة أو انتهاكًا جسديًا له أو لشخصٍ آخر. هناك خمسة أعراض أساسيَّة هم: الأفكار الاقحامية، المزاج السلبي، الانفصال عن الواقع، الانسحاب والتجنّب، اليقظة وبقاء الجسد في حالة تحفُّز. تبدأ الأعراض مع حدوث الصدمة أو تتفاقم بعدها.
وُجد قديمًا ذلك التشخيص لتحديد الأشخاص الذين سيعانون في النهاية من اضطراب ما بعد الصدمة (بالإنجليزيَّة: Post-Traumatic Stress Disorder) وعُرفت تلك الحالة باسم “الارتجاج الدماغي”، كان ذلك في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى؛ نظرًا لأوجه التشابه بين ردود أفعال الجنود الذين عانوا من الارتجاجات الناجمة عن انفجار القنابل أو القذائف، وبين الذين عانوا من إصابات في أجهزتهم العصبية المركزية. ومؤخرًا، ظهر مصطلح اضطراب الضغط النفسيّ الحاد، حيث أصبح واضحًا أن الناس قد يعانون من أعراض تشبه اضطراب ما بعد الصدمة لفترة وجيزة فور تعرضهم لصدمة.
للصدمة تعريف طبيّ وآخر نفسيّ. فتشير الصدمة من الناحية الطبيَّة إلى إصابة جسديَّة خطيرة أو جرح جسديّ حرج أو صدمة عصبيَّة، وغالبًا ما يرتبط هذا التعريف بأدوية الصدمة المستخدمة في غرف الطوارئ، والتي توضح هذا المصطلح جيدًا، ولمصطلح الصدمة تعريفًا مختلفًا من الناحية النفسية، حيث يشير إلى تجربة مؤلمة عاطفيًا أو حدث فاجع غير متوقَّع، والذي يؤدي عادة إلى تأثيرات عقليَّة وجسديَّة دائمة.
ويُعتقد بشكل عام أنَّه كلّما زاد التعرض المباشر للحدث المؤلم، زاد خطر الضرر النفسيّ الملحق به، فمثلًا عند إطلاق النار في المدرسة، من المرجَّح أنَّ يكون الطالب المُصاب هو أكثر المتضررين نفسيًا، والطالب الذي رأى زميله يتعرض للإصابة سيكون أكثر تضررًا من الطالب المتواجد بعيدًا في جزء آخر من المدرسة عند وقوع هذا الحادث.
حتى التعرض غير المباشر للعنف يمكن أن يكون صادمًا؛ لذلك يجب مراقبة الأطفال والمراهقين المعرَّضين لمشاهد العنف أو الكوارث، والبحث عن أي إشارات تدل على وجود أيّ ضغط عاطفيّ، حتى لو كان تعرضهم فقط من خلال تقارير وسائل الإعلام البصريَّة.
الأعراض
يجب أن تستمر الأعراض لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام ولا تدوم أكثر من شهر بعد الصدمة لتشخيص اضطراب الإجهاد الحاد، وذلك إن لم تتواجد أي اضطرابات عقلية أخرى أو حالات طبية تفسّر أعراض الشخص بشكلٍ أفضل، أمَّا إن استمرَّت الأعراض أكثر من شهر، فيصبح التشخيص اضطراب ما بعد الصدمة.
أعراض اضطراب الإجهاد الحاد
- الأفكار القهرية: تشمل أعراضه اقتحام ذكريات لا إرادية عن الصدمة الدماغ أو أحلام مزعجة متكررة.
- المزاج السلبي: أي عدم القدرة على الشعور بالمشاعر الإيجابية مثل السعادة والحب.
- الانفصال: ومن أعراضه الشعور بتباطؤ الوقت، ورؤية الذات من منظور خارجي، والذهول.
- الانسحاب وأعراضه: تجنُّب الذكريات، والأفكار، والمشاعر، والأشخاص، والأماكن المرتبطة بالصدمة.
- اليقظة وأعراضها: صعوبة النوم أو الاستمرار فيه، السلوك العصبي وسرعة الانفعال، وصعوبة التركيز.
الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الضغط النفسيّ الحاد قد يشعرون بقدرٍ كبيرٍ من الذنب تجاه عدم قدرتهم على منع الصدمة، أو لعدم قدرتهم على تخطّي الصدمة بسرعة أكبر. يكثر وجود نوبات الهلع في الشهر الذي يلي الصدمة. وقد يعاني الأطفال المصابون باضطراب الضغط النفسيّ الحاد من القلق المتعلق بانفصالهم عن من يرعاهم.
الأسباب
يجب تعرُّض الشخص لحدثٍ صادم ليصبح عُرضَة لخطر اضطراب الضغط النفسيّ الحاد، ويصير الفرد أكثر عُرضَة للإصابة بهذا الاضطراب إذا تمَّ تشخيصه من قبل بأنَّه يُعانِي من اضطرابٍ عقليّ، أو كان الحدث الصادم شديد الوقع عليه، أو إذا كان لديه أسلوب إنسحابيّ عند التعامل مع المحن والصدمات، أو إذا تعرَّض لصدمةٍ سابقة.
وتُعدُّ النساء أكثر عرضة للإصابة باضطراب الضغط النفسيّ الحاد مقارنة بالرجال.
تُسمى الاستجابة الفسيولوجية المسؤولة عن حدوث الاضطراب بـ(الاستجابة للضغط النفسيّ الحاد)، فعندما يتعرض الإنسان لحدثٍ مخيف أو مهددٍ، عقله بشكلٍ تلقائي يستجيب عن طريق التفكّير في أحد الأمرين إمَّا بالفرار من الخطر أو مواجهته، فيما يعرف باسم: نظريّة الكر والفر (بالإنجليزيَّة: fight-or-flight response).
السمات المميزة لاستجابة الضغط النفسيّ الحاد هي: زيادة فورية في معدَّل ضربات القلب، وضغط الدم، وإفراز العرق، والتنفّس، والتمثيل الغذائي، وقبض العضلات. تعدّ زيادة ضربات القلب، والأيض السريع أحد العناصر الأساسيَّة لهذه الاستجابة الجسديَّة كي يمدّوا الجسد بالطاقة والأكسجين اللازمين للهرب، أو المواجهة.
عند تعرَّض الناس إلى صدمةٍ ما، تجدهم يترقبون حدوث تهديدات مستمرة في بيئتهم العادية بناءً على شعورهم الدائم بوجود خطرٍ محتمل (يغذّي ذلك -على سبيل المثال- الذكريات أو الأحلام التي تقتحم أفكارهم باستمرار)، وبالتالي تجدهم يمُّرّون بالاستجابة للضغط النفسيّ الحاد بشكل أكثر من معدلهم الطبيعيّ.
العلاج
قوبل العلاج السلوكي المعرفي بأكبر قدر من النجاح في علاج اضطراب الضغط النفسيّ الحاد، ويتكون هذا العلاج من جزئين رئيسيّين، يهدف الجزء الأول إلى تغيير الإدراك، أو أنماط التفكير المتعلقة بالأحداث الصادمة، ويهدف الجزء الثاني إلى تغيير السلوك في المواقف المثيرة للقلق، لا يؤدي العلاج السلوكي المعرفي إلى تخفيف أعراض اضطراب الضغط النفسيّ الحاد فحسب، بل يحاول أيضًا منع تطوُّره إلى اضطراب ما بعد الصدمة.
مجموعات الاستجواب النفسي وإدارة القلق من الطرق التي فُحِصَت قدرتها في علاج اضطراب الضغط النفسيّ الحاد. يتضمن الاستجواب النفسي تدخّل علاجيّ مكثف فور التعرض للصدمة ليتمكَّن الأشخاص من التحدُّث عن كل شيء، وبينما وجد بعض الأشخاص تلك المجموعات مفيدة، إلَّا أنَّ آخرون قد تعرَّضوا للصدمة مرة أخرى عند التحدث عن الموقف الذي سبب لهم الضغط سابقًا.
يمكن للأدوية النفسيَّة المساعدة في أعراض القلق واليقظة العالية، كما يمكن لطرق التخلص من الضغط كالتأمُّل والاسترخاء، أن تساعد الأشخاص على التعامل مع اضطراب الضغط النفسيّ والحد من أعراضه في النهاية.
المصادر
- Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fourth Edition
- Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition
- Barlow, D. H. (2004). Anxiety and its disorders: The nature and treatment of anxiety and panic. Guilford press.
- Jones, F. D., Sparacino, L. R., Wilcox, V. L., Rothberg, J. M., & Stokes, J. W. (1995). War psychiatry, textbook of military medicine. Zajtchuk, Bellamy & Jenkins (Eds.), Office of the Surgeon General.
- National Institute of Mental Health
- National Center for PTSD
- Department of Health & Human Services
- Center for the Study of Traumatic Stress