اضطراب الاستعراء: أعراض، وأسباب، وعلاج

اضطراب الاستعراء (بالإنجليزيّة: Exhibitionistic Disorder) هو حالة تتّسم برغبة ملحّة لدى الشخص في عَرض أعضائه التناسليّة، أو تخيّل عرضها، أو القيام بعرضها أمام أشخاص لم يبدوا موافقتهم على ذلك، وخصوصًا الغرباء منهم. تُعتبَر هذه الحالة اضطراب انحراف جنسيّ (بالإنجليزيّة: Paraphilic Disorder). وتشير اضطرابات الانحرافات الجنسيّ إلى أنماط الإثارة الجنسيّة غير النمطيّة المستمرّة، والشديدة، والمصحوبة بضيق أو خلل ملحوظَين عياديًّا.

قد يفضّل الأشخاص المصابون باضطراب الاستعراء إظهار أعضائهم التناسليّة للأطفال دون سنّ البلوغ، أو الراشدين، أو كليهما. من المحتمل أن ينكر بعض الأشخاص أنّهم يظهرون أعضاءهم التناسليّة للآخرين الغافلين، أو أنّ هذا الفعل يسبّب لهم ضيقًا. ومع ذلك، إذا عرض هؤلاء بالفعل أنفسهم بشكل متكرّر لأشخاص غير موافقين، قد يتلقّون تشخيصًا باضطراب الاستعراء.

لا يزال انتشار اضطراب الاستعراء غير معروف؛ لكن يُعتقَد أنّه يصيب ما يقارب (2%) إلى (4%) من السكّان الذكور. هذه الحالة أقلّ شيوعًا عند الإناث؛ على الرغم من أنّ تقديرات الانتشار بينهنّ غير معروفة. تشكّل ظاهرة المتعرّين في الأحداث الرياضيّة أحد الأمثلة الكلاسيكيّة على الاستعراء؛ إذ يتعرّى أولئك في الميدان أثناء اللعب، عارضين أنفسهم لمَن على المدرّجات (كذلك أولئك الذين يشاهدون الحدث الرياضيّ على التلفاز). من الأمثة الأخرى على الاستعراء: رجل يعرض نفسه لمن حوله في وسائل النقل العامّ أو غيرها من الأماكن العامّة.

يمكن التمييز بين أعمال الاستعراء والاضطراب الاستعرائيّ. ينطوي الاستعراء على عرض الشخص لأعضائه التناسليّة بهدف الإثارة الجنسيّة، أو رغبة ملحّة في أن يلاحظه الآخرون في أثناء النشاط الجنسيّ. أمّا الاضطراب الاستعرائيّ فينطوي على التصرف بناءً على تلك الإلحاحات أو التخيّلات، والشعور بالضيق أو عدم القدرة على أداء وظائفه بسببها.

أعراض اضطراب الاستعراء

وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders، واختصاره: DSM-5)، يمكن تشخيص الاضطراب الاستعرائيّ إذا تمّ استيفاء المعايير التالية:

  • على مدى (6) أشهر على الأقلّ، يكون لدى الشخص تخيّلات، أو سلوكيّات، أو إلحاحات مثيرة جنسيًّا متكرّرة وشديدة، تتضمّن عرض أعضائه التناسليّة لشخص غافل.
  • تصرّف الشخص وفقًا لتلك الإلحاحات الجنسيّة، مُشرِكًا في تصرّفه شخصًا غير موافق على ذلك.
  • تسبّب تلك الإلحاحات أو التخيّلات ضيقًا ملحوظًا، أو صعوبة شخصيّة في مكان العمل أو في المواقف الاجتماعيّة اليوميّة.

يتمّ تصنيف الاضطراب الاستعرائيّ إلى أنواع فرعيّة بناءً على ما إذا كان الشخص يفضّل عرض نفسه للأطفال دون سنّ البلوغ، أو الراشدين، أو كليهما.

على غرار العديد من الانحرافات الجنسيّة الأخرى، يمكن للأفراد إظهار إلحاحات استعرائيّة أو الانخراط في أعمال استعرائيّة بشكل متقطّع أو بين وقت وآخر، دون أن يكون لديهم اضطراب الاستعراء.

هل إرسال الصور العارية شكل من أشكال الاستعراء؟

يتوقّف ذلك على الظروف المحيطة بإرسال الصور العارية والغرض من إرسالها. تركّز الأبحاث حول إرسال الصور العارية بشكل أساسيّ على الرجال الذين يرسلون صورًا عارية لأنفسهم (أو لأجزاء من أنفسهم) إلى النساء من دون موافقتهنّ. في بعض الحالات، قد يكون إرسال الصور العارية شكلًا من أشكال الاستعراء. لكن يمكن أن يعود هذا الفعل إلى عوامل أخرى، بما في ذلك ديناميّات القوّة بين الجنسين، والشعور بالاستحقاق، والرغبة الجادّة في بدء علاقة رومانسيّة (وهو ما يسمّيه البعض «تشويه عملية التودّد الطبيعيّة»).

هل يُعَدّ عرض نفسك لشخص تعرفه استعراءًا؟

يُعَدّ عرض نفسك لشخص تعرفه استعراءًا إذا لم يكن يتوقّع هذا الفعل. على سبيل المثال، تبلّغ النساء عن ارتفاع معدّل تلقّيهن لصور عارية وغير مرغوب فيها من قبل الرجال مع ظهور المواعدة عبر الإنترنت. تفرض المواعدة عبر الإنترنت تبادل بعض المعلومات عن طريق الرسائل النصّيّة أو الرسائل الرقميّة الأخرى؛ ما يجعل الأطراف غير غرباء تمامًا.

ما هي التبعات النفسيّة للتعرّض لأفعال فاضحة كالاستعراء؟

تشعر العديد من النساء الانزعاج عندما يكنّ طرفًا من استعراء رجل ما. وجدت إحدى الدراسات أنّ (33%) من (846) طالبة جامعية تعرّضنّ لاستعراء فاضح. في حين أنّ ثلث هؤلاء النساء لم يجدن التجربة مثيرة للضيق؛ وصفت (38%) منهنّ التجربة بأنّها مزعجة بدرجة تتراوح من متوسّطة إلى شديدة. أظهرت دراسات أخرى أنّ النساء اللواتي يتعرّضن لأفعال فاضحة قد يشعرن بالانتهاك، ويعانين من ضيق نفسيّ طويلة الأمد. إذا تسبّبت التجربة في ضيق مستمرّ للمرأة، قد التشاور مع معالج فرصة جيدة للتحدّث عن هذه التجربة، لا سيّما إذا كانت تستثير غيرها من الذكريات المسبّبة للضيق في حياة المرأة.

هل يمكن للأشخاص ممارسة الاستعراء بالتراضي؟

نعم. على غرار العديد الانحرافات الجنسيّة الأخرى، مثل الساديّة أو المازوخية أو ارتداء ملابس الجنس الآخر، يمكن أن يكون لدى الأشخاص اهتمام جنسيّ بالسلوك من دون أن يتمّ تشخيصهم بالاضطراب. قد تمثّل ممارسة بعض الأشخاص لأفعال الاستعراء بالتراضي جزءًا صحّيًّا من العلاقة، ومنها مشاركة الصور العارية. إنّ أهمّ ما يميّز بين هذه الأفعال الاستعرائيّة واضطراب الاستعراء هو أنّ الأفعال تتمّ بموافقة جميع الأطراف.

أسباب اضطراب الاستعراء

لا يُعرَف الكثير عن عوامل خطر الإصابة باضطراب الاستعراء لدى الذكور؛ لكنّها قد تشمل ما يلي:

ينخرط بعض الأشخاص الذين يظهرون سلوكًا استعرائيًا في أشكال أخرى من الانحرافات الجنسيّة أيضًا. بناءً عليه، يُعَدّون مُفرطي الجنس.

وفقًا لنظريّة اضطراب التودّد كما تُطبَّق على الانحرافات الجنسيّة، يتصوّر المستعرون استجابة ضحاياهم المصدومة لسلوكهم على أنّها شكل من أشكال الاهتمام الجنسيّ. إذ إنّ المستعري يعتقد أنّه منخرط في شكل من أشكال المغازلة. ومع ذلك، إنّ هذا السلوك ضارّ؛ إذ يجنح البعض منهم نحو ارتكاب جرائم جنسيّة مثل الاغتصاب. في الواقع، تنطوي حوالي ثلث الجرائم الجنسيّة التي تمّ الإبلاغ عنها للشرطة على حوادث من الاستعراء.

عادة ما تحدث بداية هذه الحالة في وقت ما في أواخر مرحلة المراهقة، أو مرحلة الرشد المبكّر. على غرار التفضيلات الجنسيّة الأخرى، قد يقّل السلوك والتفضيلات الجنسيّة الاستعرائيّة مع تقدم الناس في السنّ.

هل يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الاستعراء عادةً من اضطرابات نفسيّة أخرى؟

هناك عدد قليل من الأبحاث حول أسباب اضطراب الاستعراء. أمّا ما يتوفّر من البحوث في هذا الشأن فيصدر في الغالب عن الرجال في نظام العدالة الجنائيّة الذين أدينوا بسوء السلوك الجنسيّ. لذلك من الصعب معرفة الحالات النفسيّة لعامّة السكان. يمكن أن تشمل الحالات التي تتزامن مع اضطراب الاستعراء ما يلي:

  • اضطرابات الاكتئاب.
  • اضطراب ثنائيّ القطب.
  • اضطرابات القلق.
  • اضطرابات تعاطي الموادّ.
  • الإفراط الجنسيّ.
  • قصور الانتباه وفرط الحركة.
  • اضطراب الشخصيّة المعادية للمجتمع.
  • اضطرابات الانحرافات الجنسيّة الأخرى.

ما هو متوسّط عمر بداية اضطراب الاستعراء؟
غالبًا ما يذكر الذكور الراشدون المصابون باضطراب الاستعراء أنّهم أصبحوا على دراية بإلحاحاتهم الجنسيّة خلال فترة المراهقة، عادةً بعد بداية البلوغ.

علاج اضطراب الاستعراء

لا يَسعى معظم الأشخاص المصابين باضطراب الاستعراء إلى العلاج من تلقاء أنفسهم، ولا يتلقّون العلاج إلى أن يتمّ القبض عليهم، وتلزمهم السلطات بتلقّي العلاج. إذا كنت أنت أو أيّ شخص تهتمّ لأمره مصابًا باضطراب الاستعراء، ننصحك وبشدّة بالعلاج المبكّر. عادة ما يشمل علاج الاستعراء العلاج النفسيّ والعلاج الدوائيّ.

العلاج النفسيّ

تشير الأبحاث إلى أنّ النماذج السلوكيّة فعّالة في علاج اضطراب الاستعراء؛ وذلك من خلال تزويد الأفراد بأدوات للتحكّم في اندفاعاتهم، وإيجاد طرق أكثر قبولًا للتعامل مع إلحاحاتهم بدلًا من إظهار أعضائهم التناسليّة للآخرين.

قد يساعد العلاج المعرفيّ السلوكيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Therapy، واختصاره: CBT) الأفراد على تحديد المحفّزات التي تسبّب إلحاحاتهم، ثمّ إدارة هذه الإلحاحات بطرق صحّيّة أكثر.

تشمل نهُج العلاج النفسيّ الأخرى ما يلي:

  • التدريب على الاسترخاء.
  • التدريب على التعاطف.
  • التدريب على مهارات التأقلم.
  • إعادة البناء الإدراكيّ، أي تحديد الأفكار التي تؤدّي إلى الاستعراء، وتغييرها.

العلاج الدوائيّ

تشمل الأدوية التي قد تكون مفيدة في علاج اضطراب الاستعراء مثبّطات الهرمونات الجنسيّة التي يؤدّي إلى انخفاض الرغبة الجنسيّة. يمكن لبعض الأدوية المستخدمة عادةً لعلاج الاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى، مثل مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة (بالإنجليزيّة: Selective Serotonin Reuptake Inhibitors، واختصارها: SSRIs)، تقليل الرغبة الجنسيّة أيضًا.

ماذا أفعل إذا كانت لدي أفكار أو إلحاحات استعرائيّة؟

إذا كانت لديك أفكار أو إلحاحات استعرائيّة، من المهمّ طلب المساعدة من معالج مُدرَّب يمكنه مساعدتك في إيجاد طرق صحّيّة للتعامل مع هذه الإلحاحات قبل أن تتصرف بناءً عليها؛ ما يمكن أن يلحق الضرر بمن تقع أفعالك عليهم.

مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: جلنار خطار
مراجعة علمية: سحر هيام
تدقيق لغوي: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.