اضطراب المازوخيّة الجنسيّة: أعراض، وأسباب، وعلاج

اضطراب المازوخيّة الجنسيّة (بالإنجليزيّة: Sexual Masochism Disorder) هو أحد اضطرابات الانحرافات الجنسيّة (بالإنجليزيّة: Paraphilic Disorders).

تشير المازوخيّة الجنسيّة إلى انخراط الشخص في أفعال يتعرّض فيها للضرب، أو التقييد، أو الإذلال، أو المعاناة بطريقة أخرى، أو تخيّلها تكرارًا؛ بهدف الإشباع الجنسيّ. ولا يمكن التشخيص باضطراب المازوخيّة الجنسيّة إلّا إذا أبلغ الشخص عن مشاكل نفسيّة أو اجتماعيّة نتيجة لهذا الميل الجنسيّ. قد يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من القلق الشديد، ومشاعر الذنب والعار، والأفكار الوسواسيّة حول الانخراط في المازوخيّة الجنسيّة.

على النقيض من ذلك، إذا كان الشخص ذو الرغبات الجنسيّة المازوخيّة لا يبلغ عن ضيق، أو قلق، أو وساوس، أو مشاعر بالذنب أو العار بشأن هذه الاندفاعات المنحرفة جنسيًّا، ولا يعيق وجودها مجرى حياته اليوميّة، يمكن الجزم بأنّ للشخص اهتمام جنسيّ مازوخيّ، ولا ينبغي تشخيصه باضطراب المازوخيّة الجنسيّة.

تجدر الإشارة إلى أنّ الولع بالاختناق (بالإنجليزيّة: Asphyxiophilia) نوع محدّد من المازوخيّة الجنسيّة، يحصل فيه الشخص على إشباعه الجنسيّ من خلال تعرّضه لضيق التنفّس. ينخرط بعض الأشخاص في هذه الممارسة مع شركائهم. أمّا البعض الآخر فيفضّلون ممارستها أثناء وجودهم بمفردهم، وقد تحدث الوفاة العرضيّة نتيجة لذلك.

عادةً ما يصبح السلوك الجنسيّ المازوخيّ جليًّا في مرحلة الرشد المبكّرة، ويبدأ أحيانًا باللعب المازوخيّ أو الساديّ أثناء مرحلة الطفولة.

ما هي أعراض اضطراب المازوخيّة الجنسيّة؟

وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة بالإنجليزيّة (Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، واختصاره: DSM-5)، يَفرض التشخيص باضطراب المازوخيّة الجنسيّة وجوب معاناة الشخص من إثارة جنسيّة متكرّرة وشديدة جرّاء تعرّضه للضرب، أو الإهانة، أو التقييد، أو أشكال أخرى من المعاناة. يجب أن تكون هذه الأنواع من الإلحاحات، أو التخيّلات، أو السلوكيّات موجودة لمدّة (6) أشهر على الأقلّ، وتسبّب مشاكل أو صعوبات ملحوظة عياديًّا في المجالات الاجتماعيّة، أو المهنيّة، أو غيرها من المجالات المهمّة في الحياة.

يُعَدّ أحيانًا الاستخدام المكثّف للموادّ الإباحيّة التي تتضمنّ فعل الإذلال، أو الضرب، أو التقييد، أو التعرّض للمعاناة بطرق أخرى سمة مرتبطة بهذا الاضطراب.

لماذا يمارس الناس المازوخيّة الجنسيّة؟

أظهرت دراسة حديثة أنّ السبب الأكثر شيوعًا وراء الانخراط في المازوخيّة والساديّة كان إعطاء السلطة لشخص آخر أو تبادلها معه. صرّح آخرون أنّ هذه الممارسة سمحت لهم بالدخول في حالة بديلة من الوعي، والتي يمكنها أن تؤدّي إلى حالة من التأمّل والاسترخاء إلى حدّ ما.

ما مدى انتشار المازوخيّة الجنسيّة؟

وجد تحليل بعديّ للبحوث أنّ التخيّلات المتعلّقة بالاستعباد والانضباط، والهيمنة والخضوع، والساديّة والمازوخيّة (بالإنجليزيّة: Bondage and Discipline, Dominance and Submission, Sadism and Masochism، واختصارها: BDSM) شائعة لدى كلّ من الذكور والإناث. تتراوح نسبة الأشخاص الذين ينخرطون في التخيّلات حول هذه الأفعال بين (40%) و(60%). أمّا الأشخاص الذين يمارسون هذه الأفعال فبلغت نسبتهم حولي (20%).

وبشكل خاصّ، تبيّنت الأبحاث الحديثة أنّ التخيّلات حول التعرّض للهيمنة أكثر انتشارًا بين النساء مقارنة بالرجال بشكل ملحوظ؛ إذ ارتفعت النسبة إلى (65%) بين النساء مقابل (54%) بين الرجال. أمّا التخيّلات حول الهيمنة على شخص آخر فكانت أكثر انتشارًا بين الرجال مقارنة بالنساء بشكل ملحوظ؛ إذ ارتفعت النسبة إلى (60%) بين الرجال مقابل (47%) بين النساء. لكنّ الرغبة في الانخراط بالتفاعل المازوخيّة كانت أكثر انتشارًا بين النساء مقارنة بالرجال بشكل ملحوظ؛ إذ ارتفعت النسبة إلى (28%) بين النساء مقابل (19%) بين الرجال.

كيف يتمّ تشخيص اضطراب المازوخيّة الجنسيّة؟

يختلف التشخيص النفسيّ للمازوخيّة الجنسيّة تمامًا عن فعل الاستمتاع بالمازوخيّة الجنسيّة. فالأفعال الجنسيّة المازوخيّة لا تتسبّب ضرورةً في تعطيل حياة الأشخاص الذين لديهم هذه التفضيلات الجنسيّة. من أجل تشخيص اضطراب المازوخيّ الجنسيّة، يجب أن يعاني الشخص من القلق، أو الوساوس، أو الذنب، أو الخزي بشأن ممارسة هذه الأفعال لمدّة طويلة، عادةً ما تكون (6) أشهر أو أكثر.

ما هي أسباب اضطراب المازوخيّة الجنسيّة؟

حتّى اليوم، لا توجد نظريّة مقبولة عالميًّا توضح السبب الجذريّ للمازوخيّة الجنسيّة. تشير إحدى النظريّات إلى أنّ الانحرافات الجنسيّة تنشأ عندما تُحظَر التخيّلات الجنسيّة غير اللائقة، وتصبح أقوى عند كبتها. تقترح نظريّة أخرى أنّ السلوك الساديّ المازوخيّ هو شكل من أشكال هروب الشخص من أفكاره، ويسمح له بالدخول في حالة شبيهة بالتأمّل. من خلال تمثيل التخيّلات، يسمح الأفراد لأنفسهم بالشعور بالتجدّد والاختلاف. وهناك نظريّة تشير إلى أنّ صدمة الطفولة، مثل الإساءة الجنسيّة، يمكن أن تظهر لاحقًا في صورة اضطراب انحراف جنسيّ.

ما الذي يتسبّب في جعل الشخص مازوخيًّا؟

في إحدى الدراسات الحديثة، أفاد أغلب المشاركين أنّ لديهم اهتمامًا داخليّ المنشأ بالمازوخيّة / الخضوع، والذي بدأ من عمر مبكّر. ربط عدد أقلّ من المشاركين بين الاندفاعات وبين الإساءة الجنسيّة في مرحلة الطفولة، والتأديب من قبل الوالدين.

هل يوجد رابط بين الانخراط في المازوخيّة الجنسيّة والإصابة بالاعتلال النفسيّ؟

كان يُعتقد سابقًا أنّ الشخص الذي لديه رغبة في ممارسة المازوخيّة الجنسيّة مصاب باضطرابات نفسيّة، بما فيها الاعتلال النفسيّ. تؤكّد الأبحاث الحديثة أنّ هذا ليس صحيحًا؛ وأشارت إلى أنّ الأشخاص الذين يمارسون المازوخيّة الجنسيّة يتمتّعون بصحّة نفسيّة جيّدة.

ما هو علاج اضطراب المازوخيّة الجنسيّة؟

عادة ما يتضمّن علاج اضطراب المازوخيّة الجنسيّة العلاج النفسيّ، والأدوية التي يمكن أن تقلّل الدافع الجنسيّ.

قد يكون الهدف من العلاج النفسيّ الكشف عن السبب الكامن وراء السلوك المسبّب للضيق، والتعامل معه. تشمل العلاجات المعرفيّة إعادة هيكلة التشوّهات المعرفيّة، والتدريب على التعاطف. تتضمّن إعادة هيكلة التشوّهات المعرفيّة تصحيح أيّ معتقدات لدى المريض قد تدفعه إلى التصرّف بناءً على أفكار مؤذية. يمكن أن يساعد العلاج المعرفيّ السلوكيّ الفرد في تعلّم مهارات لإدارة إلحاحاته الجنسيّة بطرق صحّيّة. تشمل الإستراتيجيّات الشائعة الأخرى العلاج بالتنفير، وتقنيّات التخيّل / إزالة التحسّس: يتخيّل الأفراد أنفسهم في موقف ما يمارسون فيه المازوخيّة الجنسيّة، يليه حدث سلبيّ؛ وذلك بهدف تقليل الرغبة المستقبليّة في المشاركة في هذا النشاط مرّة أخرى.

يُعتقَد أنّ تقدّم العمر يقلّل من أعراض المازوخيّة الجنسيّة ورغباتها، كما هو الحال مع اضطرابات الانحرافات الجنسيّة الأخرى، والإلحاحات الجنسيّة بشكل عامّ.

يمكن استخدام العديد من الأدوية لخفض مستوى التستوستيرون في الجسم؛ ما يقلّل تواتُر الانتصابات عند الذكور. كما يمكن استخدام الأدوية المضادّة للاكتئاب لتقليل الدافع الجنسيّ.

مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: علا نصر
مراجعة علمية: سحر هيام
تدقيق لغوي: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.