هوس إشعال الحرائق: أعراض، وأسباب، وعلاج
هوس إشعال الحرائق (بالإنجليزيّة: Pyromania)، ويُسمّى أيضًا هوس الحرائق، هو اضطراب نادر يتميّز بالإشعال المتعمّد والمتكرّر للحرائق. الأشخاص المصابون بهوس الحرائق مفتونون بشدّة بالنار والأدوات ذات الصلة. قد تنتابهم مشاعر المتعة، أو الإشباع، أو الإفراج عن التوتّر الداخليّ، أو القلق بمجرّد اشتعال النار.
ما هي أعراض هوس إشعال الحرائق؟
يمكن لهوس الحرائق إصابة المراهقين والراشدين على حدّ سواء. وهو أكثر شيوعًا عند الذكور منه عند الإناث، على الرغم من أنّه يمكن الحدوث لدى كليهما. يشكّل الأشخاص ذوو صعوبات التعلّم والقصور في المهارات الاجتماعيّة نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يظهرون هذا السلوك.
وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual Of Mental Disorders, Fifth Edition، واختصاره: DSM-5)، تشمل المعايير التشخيصيّة لهوس الحرائق ما يلي:
- الاجتذاب للحرائق.
- تعمّد إشعال أكثر من حريق.
- الشعور بالحماس أو التوتّر قبل إشعال الحريق مباشرةً، والشعور بالارتياح أو المتعة في أعقاب الحريق.
- لا يمكن تفسير إشعال النار بشكل أفضل من خلال نوبة هوس أو اضطراب آخر.
أمّا علامات هوس الحرائق فتشمل ما يلي:
- كميّة زائدة أو غير ضروريّة من أعواد الثقاب أو الولاعات.
- إحراق الثقوب في الأقمشة والبُسُط.
- قِطَع محترقة من الورق أو من موادّ أخرى في سلّات النفايات أو بالقرب من المغسلة أو الفرن.
قد يبدو الشخص المصاب بهوس الحرائق مهووسًا بالحرائق ومكافحة الحرائق، ويزور أقسام الإطفاء بشكل متكرّر، ويشاهد الحرائق، ويساعد في إطفاء الحريق، بل ويطلق إنذارات حريق كاذبة.
كيف يختلف هوس الحرائق عن مجرّد الاستمتاع برؤية الحرائق؟
يجد الكثير من الناس الراحة في مشاهدة الحرائق، عادةً في المواقد أو غيرها من البيئات الخاضعة للسيطرة. يتميّز الأفراد المصابون بهوس الحرائق بأنّهم غير قادرين على التحكّم في الاندفاع لإشعال الحرائق؛ إذ يشعلون الحرائق غالبًا في محيط خارج عن السيطرة، وأحيانًا في حالات قد يتسبّب فيها الحريق في إلحاق الضرر بالممتلكات أو الأشخاص الآخرين. قد يستمدّ الأشخاص المصابون بهوس الحرائق الرضا من الضرر في الممتلكات أو الخطر اللذين تحدثهما الحرائق التي أشعلوها عند الآخرين.
ما هو الفرق بين هوس الحرائق وإشعال النار؟
ينخرط الأفراد المصابون بهوس الحرائق في إشعال النار؛ لكنّهم يفعلون ذلك لأسباب شخصيّة بوضوح، وغالبًا ما تكون مرتبطة باضطراب نفسيّ آخر. لا يشعلون الحرائق لمكاسب نقديّة، أو أسباب عقائديّة، أو التستّر على نشاط إجراميّ، أو التعبير عن الغضب أو الانتقام، أو نتيجة وهم أو هلوسة أو سوء تقدير.
ما مدى شيوع هوس الحرائق؟
لا يزال انتشار هوس الحرائق بين السكّان غير معروف؛ ولكن يُعتقَد أنّه نادر للغاية. من بين عيّنة من الأشخاص وصلوا إلى نظام العدالة الجنائيّة بسبب تكرار إشعال النار، كان لدى (3.3%) فقط أعراض استوفت المعايير الكاملة لهوس الحرائق.
ما هي أسباب هوس إشعال الحرائق؟
على الرغم من أنّ السبب الدقيق غير معروف، غالبًا ما يرتبط هوس الحرائق بحالات نفسيّة أخرى، مثل اضطرابات المزاج أو اضطرابات تعاطي الموادّ. نظرًا لكون هوس الحرائق حالة نادرة، حقّقت دراسات قليلة في جذوره. شبّهت بعض الأبحاث هوس الحرائق وغيره من اضطرابات التحكّم في الاندفاع بالإدمانات السلوكيّة. اقترح بعض الخبراء احتماليّة وجود صلة جينيّة بين هذه الحالات.
لا يتمّ تشخيص هوس الحرائق عندما يحدث إشعال الحريق كجزء من اضطراب السلوك، أو نوبة الهوس، أو اضطراب الشخصيّة المعادية للمجتمع، أو استجابةً لوهم أو هلوسة.
هل هوس الحرائق والاعتلال النفسيّ مرتبطان؟
يشترك هوس الحرائق والاعتلال النفسيّ في بعض الأعراض، بما في ذلك عدم مبالاة الفرد بالضرر الناجم عن أفعاله. لكن غالبًا ما يحدث هوس الحرائق مصحوبًا باضطرابات أخرى، ومنها:
- اضطرابات تعاطي الموادّ.
- اضطراب القِمار.
- الاضطرابات الاكتئابيّة وثنائيّ القطب.
- الاضطرابات التخريبيّة والتحكّم في الاندفاع واضطرابات السلوك.
هل هوس الحرائق مرتبط بالقسوة على الحيوانات والتبوّل في الفراش عند الأطفال؟
لم تلحظ الأبحاث الحديثة أيّ ارتباط بين التبوّل في الفراش وإشعال الحرائق؛ غير أنّها وجدت أنّ الأحداث القساة على الحيوانات هم أكثر عرضة للانخراط في إشعال الحرائق بشكل متكرّر مقارنةً بالأطفال غير القساة على الحيوانات. تشكّل هذه السلوكيّات «ثالوث الاعتلال الاجتماعيّ» (بالإنجليزيّة: MacDonald Triad).
ما هو ثالوث الاعتلال الاجتماعيّ؟
يتشكّل ثالوث الاعتلال الاجتماعيّ، أو ثالوث (ماكدونالد)، من (3) سلوكيّات هي:
- إشعال الحرائق.
- التبوّل في الفراش.
- القسوة على الحيوانات.
وهي (3) سلوكيّات، إن وُجدَت عند الأطفال، قد تتنبّأ بسلوك عنيف و/أو معادي للمجتمع لاحقًا. ثالوث (ماكدونالد) هو مصطلح مشتقّ من ورقة بحثيّة من إعداد الطبيب النفسيّ «جون إم ماكدونالد» عام (1963) بعنوان «التهديد بالقتل».
جادلت الأبحاث الحديثة أنّه في حين أنّ الراشدين الذين يرتكبون جرائم عنيفة قد يكونون قد أظهروا واحدًا من هذه الأفعال أو أكثر في مرحلة الطفولة؛ يوجد القليل من الأدلّة على إظهارهم للأفعال الثلاثة بشكل متكرّر.
ما هو علاج هوس إشعال الحرائق؟
نظرًا لارتفاع خطر الإصابة، والوفاة، والأضرار التي تلحق بالممتلكات، فضلًا عن احتمال سجن الفرد، من المهمّ السعي للعلاج فور التشخيص. عادةً ما يستمر هوس الحرائق الذي يبدأ في الطفولة حتّى مرحلة الرشد، ولا يتوقّف من تلقاء نفسه أو نتيجةً لأيّ نوع من العقاب.
يمكن استخدام العلاج المعرفيّ السلوكيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Disorder، واختصاره: CBT) -من بين علاجات أخرى- لعلاج هوس الحرائق. يتعلّم الشخص المصاب بهوس الحرائق في جلسات العلاج المعرفيّ السلوكيّ: الانتباه إلى مشاعر التوتّر التي تتراكم، واستكشاف ما الذي يسبّب الإلحاح، وإيجاد طرق جديدة للإفراج عن المشاعر.
قد يستفيد الشخص أيضًا من دروس السلامة من الحرائق، والتعرّض للأشخاص عانوا من حروق بسببب حريق.
يمكن للإرشاد الأسريّ مساعدة الأسرة على فهم الاضطراب بشكل أفضل، وتعلّم كيفيّة الحفاظ على بيئة منزليّة آمنة.
هل يمكن الشفاء من هوس الحرائق؟
لا يمكن الشفاء من هوس الحرائق؛ لكن يمكن للمرضى العمل مع أطبّائهم بهدف علاج أعراض الاضطراب، من خلال:
- العلاج المعرفيّ السلوكيّ.
- الأدوية، مثل: مضادّات الاكتئاب، ومزيلات القلق، والأدوية المضادّة للصرع، ومضادّات الذهان غير النمطيّة.
التعليقات مغلقة.