متلازِمة أسبرجر: أعراض، وأسباب، وعلاج
متلازمة أسبرجر (بالإنجليزيّة: Asperger’s Syndrome، واختصارها: AS) هي تصنيف فرعيّ من اضطراب طيف التوحّد (بالإنجليزيّة: Autism Spectrum Disorder، واختصاره: ASD). تتّسم متلازمة أسبرجر بتحدّيات في التفاعلات الاجتماعيّة، وأنماط محدودة أو متكرّرة من السلوك، والاهتمامات، والنشاطات.
لدى الأشخاص المتوحّدين أعراض تقع بشكل متّصل. ومنذ أن أصبحت متلازمة أسبرجر جزءًا من طيف التوحّد، يشيع الاعتقاد بأنّ الأشخاص ذوي متلازمة أسبرجر لديهم توحّد عالي الأداء. لا يزال استخدام المصطلح (متلازمة أسبرجر) شائعًا، وإن لم يعد تشخيصًا رسميًّا في النسخة الخامسة من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، واختصاره: DSM-5).
أعراض متلازمة أسبرجر
حدّد الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة في نسخته الرابعة متلازمةَ أسبرجر، ومن ثمّ دمج الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس متلازمة أسبرجر مع تشخيص اضطراب طيف التوحّد. تشمل الأعراض ما يلي:
- تواصل لفظيّ وغير لفظيّ غير نمطيّ.
- العجز عن الانخراط في محادثة نمطيّة فيها العديد من الردود ذهابًا وإيابًا.
- العجز على مبادلة المشاعر الاجتماعيّة أو العاطفيّة.
- عدم السعي إلى مشاركة المتعة، أو الاهتمامات، أو الإنجازات مع الآخرين.
- فشل في تطوير العلاقات بين الأقران، والمحافظة عليها.
- غياب المرونة عندما يتعلّق الأمر بروتينيّات أو طقوس محدّدة.
- انشغال مكثّف بمجالات محدودة جدًّا من الاهتمام.
- تكرار نقر الإصبع، أو ثنيه، أو حركات الجسم بأكمله.
- حساسيّة غير اعتياديّة تجاه مدخلات حسّيّة.
كيف يتم تشخيص متلازمة أسبرجر؟
يمكن لأخصّائيّ الصحّة العقليّة المُدرَّب تشخيص التوحّد من خلال مراقبة سلوك الطفل وجمع المعلومات من الوالدين ومقدّمي الرعاية. توضح التقييمات السلوكيّة قدرات الطفل على التواصل، والمهارات الاجتماعيّة، واللعب التخيّليّ. لا توجد حاليًا علامة بيولوجيّة يمكنها تشخيص الحالة، مثل فحص الدم أو فحص الدماغ.
ما هي علامات متلازمة أسبرجر لدى الراشدين؟
قد يكون من الصعب تحديد اضطراب طيف التوحّد أو متلازمة أسبرجر في مرحلة الرشد؛ إذ تميل الحالات إلى أن تكون خفيفة، لكن يمكن للتشخيص أن يغيّر حياة البعض. تتضمّن العلامات التي تشير إلى أنّ شخص راشد لديه متلازمة أسبرجر ما يلي:
- روتين يوميّ محدّد أو صارم.
- صعوبة فهم منظور شخص آخر أو انفعالاته.
- تفضيل تجنّب الاتصال بالعين.
- ردود أفعال قويّة على مشاهد، أو أصوات، أو ملمس معيّن.
- الشغف بموضوع معين مثل الألغاز أو شخصيّة ببرنامج تلفزيونيّ.
لماذا لم يعد مصطلح متلازمة أسبرجر مستخدمًا؟
على الرغم من أنّ العديد من الأشخاص يشيرون بالعامّيّة إلى متلازمة أسبرجر، لم تعد تشخيصًا سريريًّا. يحتوي الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة في نسخته الرابعة على تشخيصات منفصلة لاضطراب التوحّد، واضطراب أسبرجر، والاضطراب النمائيّ الشامل غير المحدّد. أمّا الإصدار الحاليّ من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة فدمج هذه التشخيصات في اضطراب طيف التوحّد، وهكذا يشير الأطبّاء اليوم إلى الحالة.
أسباب متلازمة أسبرجر
لا يزال العلماء غير قادرين تمامًا على فهم أسباب متلازمة أسبرجر. يوجد مكوّن جينيّ للتوحّد؛ وذلك لأنّه يميل إلى أن يسري في العائلات. على سبيل المثال، من الأرجح أن يكون لدى التوائم المتماثلة توحّد معًا من التوائم الشقيقة أو الأشقّاء. كما تشير الأبحاث إلى احتماليّة وجود مجموعة مشتركة من الجينات تجعل متغيّراتُها أو حذفُها الشخصَ عرضة لأن يكون لديه متلازمة أسبرجر بشدّة وأعراض متباينة.
تتناول الأبحاث أيضًا تشوهات الدماغ. كشف العلماء اختلافات هيكليّة ووظيفيّة في مناطق محدّدة من الدماغ لدى الأطفال المتوحّدين. من المرجّح أن تكون هذه الاختلافات ناجمة عن الهجرة غير الطبيعيّة للخلايا الجذعيّة الجنينيّة خلال النموّ الجنينيّ. يؤثّر ذلك على هيكلة الدماغ والاتّصالات العصبيّة، ومن ثمّ على الدوائر العصبيّة المتحكّمة في الأفكار والسلوكيّات.
تزيد بعض العوامل البيئيّة من احتماليّة نشوء متلازمة أسبرجر، ومنها: عمر الوالدين المتأخّر، والتعرّض لبعض العقاقير أو الأمراض قبل الولادة، وانخفاض الوزن عند الولادة.
ما مدى شيوع متلازمة أسبرجر؟
تشير تقديرات مراﻛﺰ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻷﻣﺮاض واﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ (بالإنجليزيّة: Centers For Diseases Control and Prevention، واختصارها: CDC) إلى أنّ طفل واحد من كلّ (54) طفلاً متوحّدًا. من المرجّح تشخيص اضطراب طيف التوحّد لدى الصبيان أكثر من الفتيات بمقدار (4) مرّات. تختلف تقديرات انتشار متلازمة أسبرجر؛ لكن تشير الأبحاث إلى أنّها قد تحدث لدى (0.06%) من السكان.
هل زاد عدد الأشخاص المتوحّدين بمرور الوقت ؟
ارتفع عدد الأشخاص المتوحّدين بمرور الوقت، من حوالي (1) من كلّ (10,000) شخص في الستينيّات إلى حوالي (1) من كلّ (54) شخصًا حاليًا. من المحتمل أن يكون لهذا الاتجاه علاقة بمعايير التشخيص الجديدة التي ترصد المزيد من الحالات، فضلاً عن زيادة الوعي بين الأطبّاء والأسر.
علاج متلازمة أسبرجر
حتّى اليوم، لا يمكن الشفاء من متلازمة أسبرجر. في الواقع، هناك جدل حول ما إذا كان الشفاء هدفًا عياديًّا من الأساس. يركّز العلاج على تطوير المهارات ذات الصلة، والتعامل مع الحالات المصاحبة مثل: اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، والقلق، ومشاكل النوم، والتلبّك المعويّ.
علام يقوم برنامج العلاج الفعّال؟
- يبني على اهتمامات الطفل.
- يقدّم جدولًا يمكن توقّعه.
- يعلّم المهامّ كسلسلة من الخطوات البسيطة.
- يستحوذ على انتباه الطفل من خلال نشاطات منظّمة بدقّة.
- يوفّر تعزيزًا منتظمًا للسلوك.
أمّا الخيارات العلاجيّة فتتضمّن:
- تحليل السلوك التطبيقيّ (بالإنجليزيّة: Applied Behavior Analysis). يركّز على تحسين التواصل، والعلاقات، والمهارات الحياتيّة من خلال فهم مكوّنات السلوكيّات، وتعزيزها.
- التدريب على المهارات الاجتماعيّة. يعلّم المهارات الضروريّة للتفاعل بنجاح أكبر مع الآخرين.
- العلاج المعرفيّ السلوكيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Therapy). يساعد على إدارة الانفعالات، وتقليص الاهتمامات الوسواسيّة، والروتينيّات المتكرّرة.
- العلاج المهنيّ (بالإنجليزيّة: Occupational Therapy) أو العلاج الطبيعيّ (بالإنجليزيّة: Physical Therapy). يتوجّهان للأطفال ذوي مشاكل الدمج الحسّيّ، أو ضعف في تنسيق الحركة.
- علاج النطق واللغة (بالإنجليزيّة: Speech-Language Therapy). يساعد على المهارات التداوليّة، أي طريقة استخدام الطفل للغة في المواقف الاجتماعيّة.
- تدريب الوالدين على التقنيّات السلوكيّة والدعم.
- العلاج الدوائيّ للتعامل مع الحالات المصاحبة مثل الاكتئاب والقلق.
كيف يمكن للمجتمع أن يدعم الأشخاص ذوي متلازمة أسبرجر؟
قد يحتاج الأشخاص ذوو متلازمة أسبرجر إلى الدعم والتسهيلات في المدرسة، والعمل، والسكن. ومن خيارات السكن: العيش بشكل مستقلّ، ومع الأسرة، وفي منزل جماعيّ.
ما هو التنوّع العصبيّ؟
التنوّع العصبيّ (بالإنجليزيّة: Neurodiversity) هو حركة تقبل وتدعم الاختلافات العصبيّة (مثل: التوحّد، واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، وعسر القراءة) بدلاً من التعامل معها كأمراض تحتاج إلى العلاج أو الشفاء منها. يحتضن التنوع العصبيّ الفوائد التي يمكن أن تصاحب متلازمة أسبرجر، مثل التفكير بشكل مختلف، وتناول المشاكل من وجهة نظر فريدة، والاهتمام بالتفاصيل، والمواهب.
التعليقات مغلقة.