الاضطراب العاطفيّ الموسميّ: أعراض، وأسباب، وعلاج

الاضطراب العاطفيّ الموسميّ (بالإنجليزيّة: Seasonal Affective Disorder، ويُختصَر: SAD)، ويُعرَف أيضًا بالاكتئاب الموسميّ (بالإنجليزيّة: Seasonal Depression)، هو نوع من الاضطراب الاكتئابيّ الحادّ المتكرّر؛ يتّصف بحدوث نوبات اكتئابيّة خلال نفس الموسم من كلّ عام. أحيانًا، تسمّى هذه الحالة تغيّرات الشتاء المزاجيّة (بالإنجليزيّة: Winter Blues)؛ إذ يتمثّل النمط الفصليّ الأكثر شيوعًا بظهور نوبات الاكتئاب خلال فصليّ الخريف أو الشتاء، وخِفّتها خلال فصل الربيع. يظهر الاضطراب العاطفيّ الموسميّ بشكل أقلّ شيوعًا خلال فصل الصيف؛ يبدأ عادةً في نهاية الربيع أو مع بداية الصيف، وتقلّ حدّته خلال فصل الخريف. يمكن أن يكون اضطراب العاطفيّ الموسميّ  متعلّقًا بتغييرات في مقدار ضوء النهار الذي يتلقّاه الشخص.

لتشخيص الاضطراب العاطفيّ الموسميّ، يجب استيفاء الشخص لمعايير الاكتئاب الحادّ، وتزامنه مع مواسم محدّدة لمدّة عامَين على الأقلّ. كما يجب أن يعاني الشخص من الاكتئاب الموسميّ بشكل أكثر تكرارًا من أيّ من الاضطرابات الاكتئابيّة غير الموسميّة.

يصيب الاضطراب العاطفيّ الموسميّ حوالي (10 مليون) شخص أمريكيّ. أمّا معدّل الإصابة بالاضطراب العاطفيّ الموسميّ الخفيف فيتراوح بين (10%) إلى (20%). تنتشر الإصابة بهذا الاضطراب بين النساء أكثر من الرجال بمقدار (4) مرّات. ويتراوح العمر الذي تبدأ فيه الأعراض بالظهور من (18) إلى (30) عامًا. يعاني بعض الأشخاص من أعراض حادّة إلى الحدّ الذي تؤثّر فيه على جودة الحياة؛ وتتطلّب (6%) من الحالات الإيداع بالمستشفى. يفيد العديد من الأشخاص المصابين بالاضطراب العاطفيّ الموسميّ عن إصابة واحد على الأقلّ من الأقرباء المقرّبين باضطراب نفسيّ، يتمثّل باضطراب اكتئابيّ حادّ في (55%) من الحالات، أو سوء تعاطي الكحول في (34%) من الحالات.

أعراض الاضطراب العاطفيّ الموسميّ

تختلف أعراض الاضطراب من شخص لآخر. ولكن طبقًا للدليل التشخيصيّ والاحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، ويُختصَر: DSM-5)، تتضمّن الأعراض الشائعة المرتبطة بتغيّرات الشتاء المزاجيّة الآتي:

  • الشعور باليأس والحزن.
  • أفكار انتحاريّة.
  • فرط النوم، أو الميل للإطالة بالنوم.
  • تغيّر في الشهيّة، وخاصّة اشتهاء الأطعمة الحُلوة أو النشويّة.
  • ازدياد الوزن.
  • شعور بالخمول بالذراعين والأرجل.
  • انخفاض مستوى الطاقة .
  • تقليل الأنشطة البدنيّة.
  • الشعور بالإجهاد.
  • صعوبة التركيز.
  • سرعة الانفعال.
  • زيادة الحساسيّة على الرفض الاجتماعيّ.
  • تجنّب المواقف الاجتماعيّة.

أمّا أعراض الاضطراب العاطفيّ الموسميّ الصيفيّ فتشمل ما يلي:

  • ضعف الشهيّة.
  • انخفاض الوزن.
  • الأرق.
  • الهياج والقلق.

يمكن أيضًا أن يتضمّن أيّ من النوعَين من الاضطراب العاطفيّ الموسميّ بعض الأعراض التي تظهر عند الإصابة بالاكتئاب الحادّ، مثل:

  • مشاعر الذنب.
  • فقدان الرغبة أو المتعة بالأنشطة التي كانت يتمّ الاستمتاع بها سابقًا.
  • مشاعر مستمرّة من اليأس وقلّة الحيلة.
  • مشكلات جسديّة مثل: الصداع، وآلام المعدة.

تميل أعراض الاضطراب العاطفيّ الموسميّ إلى التكرار في نفس الوقت من كلّ عام. بهدف تشخيص الاضطراب، لا يجب أن تَنتج تغيّرات المزاج مباشرة عن ضغوطات موسميّة جليّة، كأن تكون عاطلاً عن العمل خلال الشتاء بشكل دائم). عادةً ما يكون هذا النوع من الاكتئاب خفيفًا أو متوسّطًا. لكن يعاني بعض الأشخاص من أعراض حادّة من الاكتئاب تجعلهم غير قادرين على أداء وظائفهم اليوميّة.

يمكن تشخيص اضطراب العاطفيّ الموسميّ بشكل خاطئ على أنّه قصور الغدّة الدّرقيّة (بالإنجليزيّة: Hypothyroidism)، أو نقص السكّر في الدم (بالإنجليزيّة: Hypoglycemia)، أو عدوى فيروسيّة مثل داء كثرة الوحيدات (بالإنجليزيّة: Mononucleosis).

أسباب الاضطراب العاطفيّ الموسميّ

إنّ سبب الاضطراب العاطفيّ الموسميّ غير معروف حتّى اليوم. يوجد دليل على ارتباط الاضطراب العاطفيّ الموسميّ بمستوى الميلاتونين (بالإنجليزيّة: Melatonin) في الجسم، وهو هرمون تفرزه الغدّة الصنوبريّة التي تنظّم دورة النوم والاستيقاظ. في الواقع، يحفّز الظلام إنتاج الميلاتونين لتهيئة الجسم للنوم. يزيد معدّل إنتاج الميلاتونين بالجسم، ويميل الناس للشعور بالنعاس والخمول خلال فصل الشتاء، حيث تصبح الأيام أقصر وأكثر ظلمة.

يمكن ربط السبب مستوى السيروتونين (بالإنجليزيّة: Serotonin) بدلًا من مستوى الميلاتونين. قد يواجه الأشخاص المصابون بالاضطراب العاطفيّ الموسميّ صعوبة في تنظيم مستوى السيروتونين لديهم، وهو ناقل عصبيّ يؤثّر على المزاج. يوجد اعتقاد بأنّ فيتامين (د) يؤدّي دوراً في نشاط السيروتونين؛ إذ يرتبط نقص فيتامين (د) بأعراض الاكتئاب السريريّة الحادّة. بناءً عليه، اقترحت الأبحاث احتماليّة إنتاج الأشخاص المصابين بالاضطراب لفيتامين (د) بشكل أقلّ عند تعرّضهم لأشعّة الشمس.

هناك العديد من العوامل المعروفة بزيادتها لفرصة ظهور الاضطراب العاطفيّ الموسميّ لدى الأفراد. على سبيل المثال: يشيع الاضطراب لدى الأشخاص الذين يعيشون في أقصى الشمال أو جنوب خطّ الاستواء. بالإضافة إلى ذلك، يكون الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب عند وجود تاريخ عائليّ لأنواع أخرى من الاكتئاب.

علاج الاضطراب العاطفيّ الموسميّ

يتضمّن العلاج عادةً توليفة بين العلاج بالضوء (بالإنجليزيّة: Light Therapy)، ومكمّلات فيتامين (د)، وأدوية مضادّة للاكتئاب، والإرشاد؛ لتخفيف أعراض الاضطراب.

غالبًا ما يشكّل العلاج بالضوء واسع النطاق خيارًا علاجيًّا؛ حيث إنّ اكتئاب الشتاء قد يكون نتيجة لقلّة ضوء الشمس. يتضمّن هذا العلاج التعرّض لضوء اصطناعيّ ساطع يحاكي الضوء الخارجيّ لفترة من الزمن في الصباح. يتطلّب العلاج استخدام صندوق ضوئيّ أو قناع ضوئيّ يتمّ ارتادؤه على الرأس مثل القبّعة. يجلس الشخص إمّا على الصندوق الضوئيّ أو يرتدي القناع الضوئيّ لمدّة محدّدة يوميًّا. بشكل عامّ، يمتدّ العلاج الضوئيّ ما بين (30) إلى (60) دقيقة خلال فصليّ الخريف والشتاء، ويختلف من شخص لآخر. عندما يصبح العلاج بالضوء كافيًا لتقليل الأعراض وزيادة مستوى الطاقة، يستمرّ الشخص في تلقّي العلاج إلى حين توفّر ضوء النهار بشكل كافٍ؛ وعادة ما يكون ذلك في فصل الربيع. قد يتسبّب التوقّف المبكّر عن تلقّي العلاج بالضوء إلى رجوع الأعراض.

للعلاج بالضوء أعراض جانبيّة قليلة إذا استُخدِم بالشكل الصحيح. تشتمل الأعراض الجانبيّة على إجهاد العين، والصداع، والتعب، وسرعة الانفعال. ويمكن أن يتسبّب إجراء العلاج بالضوء في وقت متأخّر جدًّا من اليوم في عدم القدرة على النوم. قد لا يمثّل الأشخاص المصابون باضطراب ثنائيّ القطب، والأشخاص ذوو بشرة حسّاسة تجاه الضوء، والأشخاص المصابون بحالة طبّيّة تجعل أعينهم عرضة للضرر الضوئيّ مرشّحين جيّدين للعلاج بالضوء.

في حالة عدم تحسّن الأعراض خلال بضعة أيّام عقب العلاج بالضوء، يمكن اللجوء إلى الأدوية، والعلاجات السلوكيّة مثل العلاج المعرفيّ السلوكيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Therapy، ويُختصَر: CBT). في بعض الحالات يمكن استخدام العلاج بالضوء ضمن توليفة بينه وبين الأدوية، أو العلاجات السلوكيّة، أو كليهما.

تُعَدّ الرعاية الذاتيّة جزءًا هامًّا من العلاج، ويكون ذلك عن طريق:

  • مراقبة المزاج ومستوى الطاقة.
  • الاستفادة من ضوء الشمس المتاح.
  • التخطيط لأنشطة ممتعة يمكن ممارستها خلال فصل الشتاء.
  • التخطيط لأنشطة بدنيّة.
  • المقاربة الإيجابيّة لفصل الشتاء.
  • السعي للحصول على المساعدة بشكل مبكّر في حال ظهور الأعراض.
مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: يارا سرور
مراجعة علمية: سحر هيام
تدقيق لغوي: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.