اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة: أعراض، وأسباب، وعلاج

اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة (بالإنجليزيّة: Schizoid Personality Disorder) -ويُطلَق عليه أيضًا اضطراب الشخصيّة شبه الفصاميّ- هو نمط من اللا مبالاة تجاه العلاقات الاجتماعيّة، مع نطاق محدود من التعبير الانفعاليّ والخبرة الانفعاليّة.

نادرًا ما يشعر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الفصامانيّة بوجود أيّ شيء خاطئ بهم. يسفر الاضطراب عن نفسه في مرحلة الرشد المبكّر، عبر الانفصالات الاجتماعيّة والانفعاليّة التي تمنع الأشخاص من إقامة علاقات وثيقة. يستطيع الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب في الشخصيّة أداء وظائف الحياة اليوميّة؛ غير أنّهم لا يطوّرون علاقات ذات مغزى مع الآخرين. هم عادةً وحيدون، وقد يكونون عرضة لأحلام اليقظة الزائدة، بالإضافة إلى التعلّق بالحيوانات. كما يجيدون الأعمال الانفراديّة التي قد يجدها الآخرون صعبة، مثل: الحرّاس الليليّين، وأمناء المكتبات.

هناك دلائل تشير إلى أنّ اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة والفصام (بالإنجليزيّة: Schizophrenia) يتشاركان بنية جينيّة كامنة. كما ويُعدّ الانسحاب الاجتماعيّ سِمة لكلّ من الاضطرابَين. والأهمّ من ذلك، يكون الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الفصامانيّة على اتّصال بالواقع؛ وذلك على عكس مرضى الفصام، ومرضى الاضطراب الفصاميّ العاطفيّ (بالإنجليزيّة: Schizoaffective Disorder). يتراوح معدّل انتشار اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة بين (3.1%) و(4.9%) من السكّان، بمعدّل تكرار متكافىء بين الرجال والنساء.

تصنّف النسخة الخامسة من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، واختصاره: DSM-5) اضطرابَ الشخصيّة الفصامانيّة ضمن المجموعة «أ» من اضطرابات الشخصيّة. تُوصَف المجموعة «أ» بأنّها ذات طابع غريب، ويُعَدّ الحرج والانسحاب الاجتماعيَّين من سماتها. تضمّ المجموعة «أ» (3) اضطرابات هي:

  • اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة.
  • اضطراب الشخصيّة الفصاميّة، وتسمّى أيضًا باضطراب الشخصيّة الفصاميّ النمط (بالإنجليزيّة: Schizotypal Personality Disorder).
  • اضطراب الشخصيّة المرتابة (بالإنجليزيّة: Paranoid Personality Disorder).

أعراض اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة

وفقًا للنسخة الخامسة من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة، تتضمّن أعراض اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة ما يلي:

  • لا يرغب الشخص بعلاقات وثيقة، أو لا يتمتّع بها.
  • يظهر بعيدًا عن الآخرين ومنفصلًا.
  • يتجنّب الأنشطة الاجتماعيّة التي تنطوي على تواصل هامّ مع الأشخاص الآخرين.
  • غالبًا ما يختار الأنشطة الانفراديّة.
  • يبدي اهتمامًا قليلًا أو منعدِمًا بالتجارب الجنسيّة مع شخص آخر.
  • يفتقر للعلاقات الوثيقة، في ما عدا أقارب الدرجة الأولى.
  • لا يبالي بالثناء أو النقد.
  • يظهِر برودًا انفعاليًّا، أو انفصالًا، أو عاطفة سطحيّة.
  • لديه صعوبة في التعبير عن الذات.
  • يبدي القليل من التغيّر القابل للملاحظة في الحالة المزاجيّة.
  • يجد المتعة في أنشطة قليلة؛ وذلك إن وجدت.
  • قلّة الدوافع أو أهداف الحياة.

هل اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة والفصام متطابقان؟

لا. على غرار كلّ اضطرابات الشخصيّة، اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة هو نمط من السلوك يستمرّ مدى الحياة، ولا يؤدّي إلى انزعاج ذاتيّ لدى الفرد المصاب. على النقيض من ذلك، للفصام بداية نمطيّة في مرحلة الرشد المبكّر، ويَنتُج عنه انزعاج كبير لدى الفرد.

يتقاسم الاضطرابان بعض الخصائص، مثل: عدم القدرة على تكوين روابط مع الآخرين، وعدم القدرة على التعبير عن أنفسهم انفعاليًّا. لكنّ الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الفصامانيّة لا يهلوسون أو يشعرون بالارتياب، وليس لديهم تفكير أو كلام مشوَّشَين.

أسباب اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة

إنّ أسباب اضطرابات الشخصيّة غير معروفة. لكن هناك خطر أكبر للإصابة باضطراب الشخصيّة الفصامانيّة في عائلات الأشخاص المصابين بأمراض على طيف الفصام. يشير هذا إلى أنّ هناك قابليّة جينيّة لتطوير اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة. وتقدّر بعض الدراسات معدّل قابليّة التوريث بما يعادل (30%).

علاج اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة

نادرًا ما يَسعى المصابون باضطراب الشخصيّة الفصامانيّة للعلاج؛ إذ إنّهم لا يعتقدون أنّ هناك أيّ شيء خاطئ. ويعود ذلك إلى حدّ ما إلى أنّ أصحاب هذا التشخيص لا يعانون عادةً من الوحدة، أو يتنافسون مع الأشخاص الذين يتمتّعون بعلاقات وثيقة، أو يحسدونهم.

العلاج الدوائيّ

لا يُنصَح عادةً باستخدام الأدوية لعلاج اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة. ومع ذلك، تُستخدَم الأدوية أحيانًا للعلاج قصير الأجل الذي يستهدف الاكتئاب، أو الحالات الشديدة من القلق المرتبطة بالاضطراب. من المحتمل أن يعني وجود القلق -الناتج عادةً عن التخوّف من الأشخاص الآخرين- أنّ التشخيص باضطراب الشخصيّة الفصاميّة ذو الصلة يكون أكثر ملاءمة.

العلاج النفسيّ 

يمكن أن يكون العلاج النفسيّ الفرديّ -والذي يحرز بنجاح مستوًى طويل الأجل من الثقة- مفيدًا؛ لأنّه يساعد مرضى اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة في تأسيس علاقات صادقة في الحالات التي يكون فيها ذلك مرغوبًا. كما يمكن العلاج النفسيّ الفرديّ التأثير تدريجيًا على تكوُّن علاقة حقيقيّة بين المريض والمعالج.

من الصعب متابعة العلاج النفسيّ طويل الأمد؛ لأنّ اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة يَصعُب أن يتحسّن. لذا بدلًا من محاولة «شفاء» الفرد، يجب أن يركّز العلاج على أهداف علاجيّة بسيطة؛ بهدف التخفيف من حدّة الشواغل الملحّة الحاليّة، أو العوامل المجهدة في حياة الفرد.

يمكن استخدام العلاج المعرفيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Therapy) في معالجة أنواع معيّنة من الأفكار الواضحة وغير العقلانيّة، والتي تؤثّر سلبًا على سلوكيّات المريض. يجب أن تكون هذه الخطّة العلاجية مُعرَّفة بوضوح منذ بداية العلاج. كما ينبغي أن يكون المعالج على دراية بالاختلافات الثقافيّة التي قد تتنكّر في صورة اضطرابات في الشخصيّة.

لماذا يرفض معظم الأشخاص المصابين باضطراب الشخصيّة الفصامانيّة طلب العلاج؟

لا يعاني الفرد من اضطراب الشخصيّة الفصامانيّة على أنّه مرفوض من الأنا (بالإنجليزيّة: Ego-Dystonic)، أو انزعاج ذاتيّ. على الرغم من أنّ الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الفصامانيّة يدركون اختلافهم عن الآخرين -خاصّةً من ناحية قلّة اهتمامهم بالعلاقات الوثيقة- لا يؤدّي ذلك إلى الانشغال أو الوحدة.

أمّا أولئك الذين يلتمسون العلاج، فغالبًا ما يفعلون ذلك لأنّ أحد أفراد العائلة أو مختصًّا على علاقة بهم قد اقترح عليهم الحصول على الإرشاد (بالإنجليزيّة: Counseling) أو التدريب (بالإنجليزيّة: Coaching).

مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: دعاء عبدالشافي فوزي
مراجعة علمية: سارة ترحيني
تدقيق لغوي: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.