اضطراب التحويل: أعراض، وأسباب، وعلاج

اضطراب التحويل (بالإنجليزية: Conversion Disorder) هو حالةٌ نفسيّة، يظهر على الشخص المُصاب أعراضٌ جسديّة لا تخضع لإرادته، ولا يمكن تفسيرها من خلال مرضٌ عصبيّ أو حالةٌ طبيّة أخرى، ويُسمى اضطراب التحويل أيضًا باضطراب العَرَض العصبي الوظيفي (بالإنجليزية: Functional Neurological Symptom Disorder).

السمة الأساسيّة لاضطراب التحويل عدم التوافق بين أعراض الشخص المصاب به وبين الحالات العصبية والطبية المعروفة. على الرغم من أنّه لا يُمكن تحديد سبب عصبيّ، فهناك مشكلةٌ جسديّة حقيقيّةٌ وليست أوهام لدى الفرد. اضطراب التحويل هو مرض نفسيّ جسدي، حيث غالبًا ما تُخفي الأعراض الجسديّة ضيقًا انفعاليًّا.

ليتمّ تشخيص الشخص المصاب باضطراب التحويل، يجب أن تسبّب الأعراض الجسديّة ضيق ملحوظ شديد أو قصور في الأداء الوظيفي اليوميّ. إذا تمت ملاحظة أعراض اضطراب التحويل بشكل شائع في ثقافة ما ولم تُسبّب الضيق الملحوظ أو الإعاقة، فلن يتمّ التشخيص على أنّه اضطراب التحويل.

يُمكن أن تكون أعراض اضطراب التحويل مؤقّتة وقد تستمرّ لفترة طويلة من الوقت، الأعراض المؤقتة لاضطراب التحويل شائعةً، ولكنّ معدل انتشار اضطراب التحويل غير معروف. مُعدّل التشخيصات الجديدة لأعراض التحويل المستمرّة هو ما يقرب من (2) إلى (5) حالات لكلّ (100,000) شخص كلّ عامٍ.

لا يوجد علاّقة بين اضطراب التحويل وعلاج التحويل، فهي مُمارسة ضارّة تسعى إلى تغيير المُيول الجنسيّة للأطفال أو هويّة النوع الاجتماعيّ (الجندريّة).

ما هي أعراض اضطراب التحويل؟

يُمكن أن يكون لاضطراب التحويل العديّد من الأشكال و الأعراض المختلفة، تشمل الأعراض الحركيّة:

  • الضعف أو الشلل.
  • الحركات غير الطبيعيّة مثل الرعاش وصعوبة المشي.

وفي بعض الأوقات قد يعاني المصابون من أعراض حسيّة منها: تغيّر أو ضعف أو غياب كامل للإحساس بالجلد أو الرؤية أو السمع.

يمكن أن يظهر اضطراب التحويل على شكل نوباتٍ “نفسيّة المنشأ” أو “غير صرعيّة” والتي تشمل:

  • ارتجاف الأطراف.
  • قصور أو فقدان الوعي ولكنّ دون النشاط الكهربائيّ الذي يحدث في المخ أثناء نوبة الصرع.

وتشمل الأعراض الشائعة الأخرى لاضطراب التحويل:

  • نوباتٌ من عدم الاستجابة والتي تُشبه الإغماء أو الغيبوبة.
  • انخفاضٌ في حجم الصوت أو غيابه.
  • تغيّراتٌ في التعبير اللفظيّ في أثناء الحديث (تداخل الكلام).
  • الإحساس بوجود “كتلة في الحلق”
  • رؤيّة مزدوجة للأشياء.

على الرغم من عدم وجود منشأ فسيولوجيّ واضح إلّا أن المصابين باضطراب التحويل لا يقومون بتزييف أعراضهم، فإنّ الأعراض تُسبّب ضيق حقيقي ولا يمكن التحكم فيها إراديا. يمكن أن تكون شدة الإعاقة الناتجة عن اضطراب التحويل مماثلة لشدة الإعاقة التي يختبرها المصابون بأمراض عضوية مماثلة.

ما مدى شيوع اضطراب التحويل؟

اضطراب التحويل نادرٌ للغايّة، ولكنّ من الصعب أيضًا تتبّع انتشاره إلى حدٍّ ما، قد تؤثر أعراض التحويل المستمرّة على (2) إلى (5) حالات من أصل (100,000) شخص سنويًّا، وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، واختصاره: DSM-5). وتُشير الأبحاث إلى أنّ غالبيّة المرضى بين (78) و (93) في المائة هم من النساء.

ما هو المثال على اضطراب التحويل؟

تم دراسة حالةٍ عن اضطراب التحويل، تضمّنت شابّة كانت أحد أفراد مشاة البحرية، على خطى أفراد عائلتها، لم تتماشى مُهمّة سلاح مُشاة البحريّة الّتي تلقّتها مع توقّعاتها أو آمال عائلتها. وفجأة أصيبت بالشلل من منطقة الخصر إلى الأسفل وأصبحت تستخدم كرسيًّا متحرّكًا ، كانت قادرةٌ على المشي للخلف لكنّها لم تستطع الوقوف أوالمشي للأمام. لم يتم اكتشاف أي سبب عصبيّ، وتمّ تشخيص حالتها بإنّها مصابةٌ باضطراب التحويل وتمّ تحويلها للعلاج النفسيّ التحليلي. لم تكن هذه المريضة قادرةٌ على التعبير شفهيًّا عن استيائها، وربّما يكون شللها يمثّل المظهر الجسديّ لذلك التوتّر.

ما هو تاريخ اضطراب التحويل؟

تأثر “فرويد” بشدّة باضطرب التحويل، مُعتقدًا أنه يمثل محاولة غير واعية لحلّ الصراع النفسيّ. إذا كان المريض غير قادر على التعبير عن نفسه من خلال وسائل التواصل التقليديّة، فقد يظهر هذا التعبير بشكل جسديّ. بناءً عليه، يمكن لمساعدة المريض على التواصل بشكلّ حرّ ومباشر معالجة حالته.

منذ زمن “فرويد” تحولت النظرة للحالة من إطار التحليل النفسيّ إلى إطار وصفيّ أكثر، فعلى سبيل المثال: تحول المسمى من هستيريا التحويل (بالإنجليزيّة: Conversion Hysteria) إلى رد فعل التحويل (بالإنجليزيّة: Conversion Reaction) إلى اضطراب التحويل (بالإنجليزيّة: Conversion Disorder) واضطراب العَرَض العصبي الوظيفي (بالإنجليزيّة: Functional Neurological Symptom Disorder)

ما هي أسباب اضطراب التحويل؟

عادةً ما تكوّن بدايّة ظهور الأعراض فجائيّة وقد تكون مرتبطة بالضغط النفسي  أو حدث صادم، وعادةّ ما يعاني المصابون من أعراض اضطراب التحول من أحداث حياتيّة مجهدة، ولكن ليس هذا هو الوضع دائمًا.

ويمكن أن يظهر اضطراب التحويل في أيّ وقت خلال عمر الإنسان، تكون بداية النوبات غير الصرعيّة أكثر شيوعًا في العقد الثالث من العمر، وتكون الأعراض الحركيّة في بداية ذروتها في العقد الرابع من العمر.

ما هي عوامل الخطر المرتبطة باضطراب التحويل؟

ترتبط العوامل الجينيّة والاضطرابات العصبيّة مثل الصرع اضطراب التحويل. ترتبط تجارب الحياة بما في ذلك  الإساءة في مرحلة الطفولة ، وإهمال الاطفال ، والأحداث المجهدة أيضًا بالحالة، وفقًا للدليل التشخيصيّ والأحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة.

متى يحدث اضطراب التحويل؟

قد يظهر اضطراب التحويل في أيّ وقت، على الرغم من أن بعض الأعراض قد تكون أكثر شيوعًا في أوقات معيّنة، مثل الأعراض الحركيّة في الثلاثينات والنوبات غير الصرعيّة في العشرينات. من المُرجح أن يؤدّي تشخيص الحالة في أبكر وقت ممكن  إلى نتائج علاج أفضل.

ماهي الاضطرابات النفسيّة المصاحبة لاضطراب التحويل؟

عادةً ما يحدث اضطراب التحويل جنبًا إلى جنب مع اضطرابات القلق، وخاصّة اضطراب الهلع، والاكتئاب (بالإنجليزيّة: Depression)، وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة DSM-5. تكون  اضطرابات الشخصيّة أكثر شيوعًا لدى أولئك المصابين  باضطراب التحويل من عامة الناس. غالبًا ما يكون هناك تداخل بين اضطراب الشخصيّة التمثيلي أو الهستيري (بالانجليزية: histrionic personality disorder)  واضطراب التحويل.

ما هو علاج اضطراب التحويل؟

عادةً ما يتضمن علاج اضطراب التحويل العلاج النفسيّ، و/أو العلاج الطبيعي، و/أو الأدوية. ينصبّ تركيز العلاج النفسيّ حول مُساعدة الأفراد على فهم الصراع الانفعاليّ  وراء الأعراض الجسديّة، وحلّ هذه الضائقة النفسيّة الكامنة. يمكن أن يشمل العلاج النفسيّ: علاجٌ فرديّ، أو جماعيّ، أو التدريب على الاسترخاء، أو الأساليب الأكثر إشكالية مثل: العلاج بالتنويّم المغناطيسيّ، أو التغذية الراجعة البيولوجيّة (biofeedback؛ أسلوب يمكن استخدامه لتعلم كيفية التحكم في بعض وظائف الجسم مثل معدل ضربات القلب، حيث يتم توصيل الفرد بأجهزة استشعار كهربائية تساعدك في تلقي معلومات عن جسمك بطريقة تمثل تدعيم ذاتي للفرد).

يحاول العلاج الفيزيائي أن يزيد من الاداء البدنيّ ومنع أيّ مُضاعفات ثانويّة قد تنجم عن الأعراض الجسديّة مثل ضعف العضلات، أو تصلّبها والتي تلّي فتراتٍ من الخمول البدنيّ، يمكن أيضًا علاج اضطراب التحويل من خلال استخدام الأدويّة النفسيّة التي تُعالج المشكلات النفسيّة الكامنة كالاكتئاب والقلق.

يمكن التكهن بالتشخيص الإيجابي لاضطراب التحويل عندما تبدأ الأعراض بشكل مفاجئ وموجودة لفترة قصيرة من الزمن، ويتقبل الفرد تشخيصه ولا توجد اضطرابات نفسيّة إضافيّة.

ما هي التحدّيات التي يمكن أن يواجهها المرضى في عمليّة العلاج؟

قد يكون من الصعب على المرضى مواجهة الاضطراب العصبيّ الوظيفيّ والتغلّب عليه، لأنّ الأطبّاء قد يطلقون احكام رافضة أو متعالية أو غير دقيقة مثل أنّ أعراض المرضى “ليست حقيقيّة”. قد يكافح المرضى أيضًا لتحديد عامل ضغط أو صراع نفسي معين عند سؤالهم. هذه التحدّيات يمكن أن تقود المرضى إلى الشعور بالذنب والعار، لكنّ الإقرار بأعراض المريض وتحديد محفزات تلك الأعراض يمكن أن يضع الأطباء والمرضى على المسار الصحيح نحو التعافي.

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: سارة صطوف
مراجعة علمية: أحمد محمود سامي
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.