اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر: أعراض، وأسباب، وعلاج

يحدث اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر (بالإنجليزيّة: Transvestic Disorder) -ويُطلَق عليه أيضًا اضطراب شهوة الملابس المغايرة- عندما يعاني الفرد من إثارة جنسيّة متكررة وشديدة من ارتداء ملابس الجنس الآخر (بالإنجليزيّة: Cross-Dressing)، أو ارتداء الملابس كالجنس المعاكس له، ويسبّب هذا الإلحاح ضيقًا أو قصورًا كبيرًا في الحياة اليوميّة للشخص المصاب. اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر هو تشخيص نادر ويُصنف على أنه واحد من اضطرابات الخطل الجنسيّ، والتي تُعرَف أيضًا بالانحرافات الجنسيّة (بالإنجليزيّة: Paraphilias) أو سلوك جنسيّ غير نمطيّ.

قد يعاني الشخص المصاب باضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر من الاكتئاب، أو الذنب، أو الخزيّ جرّاء شعوره بالإلحاح لارتداء ملابس الجنس الآخر. عادةً ما تكون هذه المشاعر نتيجة الرفض من قِبل الشريك، أو المخاوف الشخصيّة حيال العواقب السلبيّة الاجتماعيّة أو المهنيّة.

لا يستوفى معظم الأشخاص ذوي شهوة الملابس المغايرة معاييرَ تشخيص اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر. في الواقع، يقوم الأشخاص بارتداء ملابس الجنس الآخر لأسباب مختلفة، ومنها الرغبة في هدم معايير النوع الاجتماعيّ (بالإنجليزيّة: Gender Norms). يمكن اعتباره عملاً من أعمال التحرّر الجنسيّ، أو استكشاف هويّة النوع الاجتماعيّ (بالإنجليزيّة: Gender Identity) الخاصّة بهم. يعد اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر شائعًا لدى الذكور ذوي الميول المغايرة جنسيًّا أي الذين ينجذبون جنسيًّا للجنس الآخر.

يعد تصادُم الاضطراب مع العلاقات الرومانسيّة أو الزواج من النساء واحدًا من أكثر الأسباب شيوعًا لطلب العلاج.

أعراض اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر

أعراض اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر هي الشعور بالخزيّ، والذنب، والقلق المرتبطين بارتداء ملابس الجنس الآخر. يمكن لشهوة الملابس المغايرة أن تشمل ارتداء قطعة واحدة من ملابس الجنس الآخر، أو زيًّا كاملاً، إلى جانب الشعر ومستحضرات التّجميل (الماكياج). وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، ويُختصَر: DSM-5)، يَشترط تشخيص اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر الشعور بإثارة جنسيّة مستمرّة وشديدة عند ارتداء ملابس عادةً ما يرتديها الجنس الآخر، أو تخيّل ارتدائها، أو الإلحاح على ارتدائها. كما يجب على هذه التخيّلات أو السلوكيّات الاستمرار لمدّة لا تقلّ عن (6) أشهر، والتسبّب بضيق شديد للشخص، أو خللًا في الوظائف الاجتماعيّة، أو المهنيّة، أو غيرها من المجالات الهامّة من الحياة اليوميّة.

يمكن للشخص المصاب باضطراب شهوة الملابس المغايرة الشعور بإلحاح مستمرّ لارتداء ملابس الجنس الآخر، أو الشعور بتأرجح رغبته أو حدوث نوبات متسلسلة. قد يعلق الشخص في نمط سلوكيّ سلبيّ؛ فيشتري ملابس الجنس الآخر، ويرتديها، ثمّ يرميها على أمل الإقلاع عن شهوة الملابس المغايرة.

يمكن أن يصاحب اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر حالاتٌ أخرى، ومنها:

  • الفِتشيَّة (بالإنجليزيّة: Fetishism)؛ حيث تثير الأقمشة، أو الموادّ، أو الملابس الشخص جنسيًّا.
  • المازوخيّة (بالإنجليزيّة: Masochism)؛ حيث يصل الشخص للإشباع الجنسيّ عن طريق شعوره بالألم أو إذلاله.

ما الفرق بين لِبسة الجنس الآخر (بالإنجليزيّة: Transvestism) واضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر (بالإنجليزيّة: Transvestic Disorder)؟

لِبسة الجنس الآخر هو ببساطة مصطلح سريريّ لارتداء ملابس الجنس الآخر. لا يعاني معظم الأشخاص الذين يرتدون ملابس الجنس الآخر من اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر. يمكن تشخيص ارتداء ملابس الجنس الآخر على أنه اضطراب  فقط في حالة شعور الشخص بإلحاح ليرتدي ملابس الجنس الآخر مع مصاحبة شعور بالقلق الشديد، والخزيّ، والضغط العاطفيّ، وأحيانًا إلى حد الإكراه، كما يصاحب هذه المشاعر إحساس بالرضا الجنسيّ. على عكس ظاهرة الدراق كوين أو الممثل بلباس امرأة (بالإنجليزية: Drag Queen)، -هم في الغالب رجال يرتدون الملابس النسائيّة في أدوار نسائيّة لغرض الترفيه والتّأثير الدراميّ الكوميديّ الساخر ويستخدم هذا الفن عادة في الكوميديا- يكون الغرض من هذه الظاهرة غالبًا هدم أو نقد معايير النوع الاجتماعيّ بدلاً من اكتساب الرضا الجنسيّ من ارتداء ملابس الجنس الآخر.

ما الفرق بين مصطلحات لِبسة الجنس الآخر (بالإنجليزيّة: Transvestism) والمُتحوّل أو العابر جنسيًا (بالإنجليزيّة:Transsexual) والعبور الجندريّ أو المُتحوّل الجندريّ (بالإنجليزيّة: Transgender)؟

لِبسة الجنس الآخر هو فعل ارتداء ملابس الجنس الآخر. يعد هذا المصطلح قديم ثقافيًا، إذ يُفضل العديد من الأشخاص مصطلح ارتداء ملابس الجنس الآخر. الشخص المُتحوّل أو العابر جنسيًا هو الشخص الذي خضع لإجراءات طبّيّة لتغيير جنسه البيولوجيّ. يمكن أيضًا اعتبار مصطلح المُتحوّل أو العابر جنسيًا قديمًا. أكثر هذه المصطلحات معاصرة هي العبور الجندريّ أو المُتحوّل الجندريّ. يُعرف الشخص العابر جندريًا أو المُتحوّل الجندريّ على أنه من الجنس المغاير لجنس ولادته. قد يرتديّ الشخص المُتحوّل جنسيًا ملابس الجنس الأخر وقد يخضع لعمليّة جراحيّة أو يأخذ هرمونات لتغيير مظهره الخارجيّ، وقد لا يفعل ذلك أيضًا. يشمل المصطلح جميع الأفراد الذين لا يشعرون أنهم يتوافقون مع أدوار النوع الإجتماعيّ المخصّصة لجنسهم عند الولادة.

ما مدى شيوع اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر؟ 

معدل انتشار اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر غير معروف ولكن يعتقد أنه نادر. وفقًا للدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة، أفاد أقل من %3 من الذكور استثارتهم جنسيًا بسبب ارتداء ملابس نسائيّة. وجدت إحدى الدراسات أن %6 من الرجال لديهم تخيّلات حول ارتداء ملابس الجنس الآخر. لا تعتبر أي من هذه الحالات بمفردها تشخيصًا لاضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر.

أسباب اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر

لا توجد أسباب محدّدة لاضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر. لوحظ أنّ شهوة الملابس المغايرة تسبّب الإثارة في مرحلة الطفولة، والتي قد تتحوّل إلى إثارة جنسيّة بعد البلوغ. أمّا في مرحلة الرشد، ومع تكرار السلوك وتعزيزه، قد تصبح الرغبة في ارتداء ملابس الجنس الآخر أقوى، وإن تضاءل معها الإشباع الجنسيّ.

لماذا قد يرتدي رجل ملابس الجنس الآخر؟ 

هناك العديد من الأسباب التي تجعل الرجل يرتدي ملابس نسائيّة، أغلبها لا علاقة لها باضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر، مثل استكشاف هويته الجنسيّة أو الهروب من أنماط النوع الإجتماعيّ الذّكوريّة. يشعر الرجل في حالة اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر بالإثارة الجنسيّة من ارتداء ملابس النساء، كما يشعر أيضًا بالذنب الشديد أو الخزيّ نتيجة لذلك.

هل اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر مرتبط بالمثليّة الجنسيّة؟

 لا. يظهر اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر بشكل أساسي في الرجال المغايرين جنسيًا، ويعتقد الخبراء إنه يختلف عن المثليّة الجنسيّة. لا يعاني الأشخاص المصابون باضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر من الرغبة في أن يكونوا من الجنس الآخر ولا يشعرون عمومًا بالتناقض بين الجنس الخاص بهم وجنسهم عند الولادة.

هل يعد اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر فِتشيَّة؟ 

يختلف اضطراب ارتداء ملابس الجنس الأخر عن الاضطراب الفِتشيَّة إذ أن اضطراب ارتداء ملابس الجنس الأخر يتعلق فقط بمواد الملابس التي يتم ارتداؤها أثناء ارتداء ملابس الجنس المغاير، بينما يمكن أن يتعلق الاضطراب الفِتشيَّة بالعديد من الأشياء الأخرى. للاضطرابان قواسم مشتركة، يعد اضطراب الفِتشيَّة أحد الاضطرابات الرّئيسيّة التي يتم تشخيصها مع اضطراب ارتداء ملابس الجنس الأخر. تضمّنت المجلّدات السابقة من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة تشخيص فِتشيَّة ارتداء ملابس الجنس الآخر (بالإنجليزيّة: Transvestic Fetishism)، ولكن تم فصل الحالتين منذ ذلك الحين بشكل تشخيصيّ.

علاج اضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر

 شهوة الملابس المغايرة -في حدّ ذاتها- ليست اضطرابًا، ولا تستلزم العلاج.

عادة ما يعمل الأشخاص ذوي إضطراب ارتداء ملابس الجنس الآخر مع معالج نفسيّ لفهم دوافعهم، والضغوط التي يفرضها عليهم مجتمعهم، والعمل على تقليل مشاعر الخزيّ والذنب. يُعَدّ الشخص ذو التاريخ  المَرضيّ من اضطراب شهوة الملابس المغايرة في فترة هدأة -أي الفترة التي تغيب فيها أعراض الاضطراب- عندما لا تسبّب رغبتُه في ارتداء ملابس الجنس الآخر مشاعر ضيقًا أو قصورًا في حياته اليوميّة لمدّة لا تقلّ عن (5) سنوات.

هل يعد ارتداء ملابس الجنس الآخر اضطراب بالصحة العقليّة ؟

لا. لا يعد ارتداء ملابس الجنس الآخر بمفرده حالة نفسيّة. يمكن أن يشمل السلوك الجنسيّ السعيد والصحيّ العديد من السلوكيّات التي تعد خارج تقاليد المجتمع. هناك الكثير من النقاش حول كيفيّة تعريف ما هو طبيعيّ جنسيًا. علاوة على ذلك، هناك جدل حول ما إذا كان يجب اعتبار ارتداء ملابس الجنس الآخر وغيرها من البارافيليا (الإنحرافات الجنسيّة) غير العنيفة اضطرابات على الإطلاق. لا يزال الجدل مستمرًا.

مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: يارا سرور
مراجعة علمية: إسلام سامي
تدقيق لغوي: إسلام سامي
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.