اضطراب الإفراط الجنسيّ: أعراض، وأسباب، وعلاج

اضطراب الإفراط الجنسيّ (بالإنجليزيّة: Hypersexual Disorder) هو تشخيص مُقترَح للأشخاص الذين يمارسون الجنس أو يفكّرون به عبر التخيّلات والإلحاحات إلى الحدّ الذي يسبّب الضيق أو الاختلال. قد ينخرط هؤلاء الأفراد بنشاطات عدّة مثل: مشاهدة الأفلام الإباحيّة، والاستمناء (العادة السرّيّة)، والجنس مقابل أجر مادّيّ، وتعدّد الشركاء. نتيجةً لذلك، قد يشعرون بالضيق في مجالات حياتيّة مختلفة، بما فيها العمل، والدراسة، والعلاقات.

أضافت منظّمة الصحّة العالميّة اضطراب السلوك الجنسيّ القهريّ (بالإنجليزيّة: Compulsive Sexual Disorder) إلى المراجعة الحادية عشرة من التصنيف الدوليّ للأمراض (بالإنجليزيّة: International Classification of Diseases، 11th revision، واختصاره: ICD-11) الصادر عنها، وأدرجته ضمن اضطرابات التحكّم في الاندفاعات.

أمّا الجمعيّة الأمريكيّة للأطبّاء النفسيّين (بالإنجليزيّة: American Psychiatric Association، واختصارها: APA) فلم تدرج اضطراب الإفراط الجنسيّ في الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، واختصاره: DSM-5) بعد أن كان مُدرَجًا في نسخته الرابعة، ومُعرّفًا على أنّه «ضيق حيال نمط من العلاقات الجنسيّة المتكرّرة، يتعاقب فيها العشّاق الذين لا يمثّلون بنظر الفرد سوى أشياء للاستخدام». في العام (2010)، تمّ اقتراح إضافة اضطراب الإفراط الجنسيّ إلى النسخة الخامسة على أنّه «اضطراب في الرغبة الجنسيّة غير مصنّف في فئة الانحرافات الجنسيّة ومصحوب بعنصر الاندفاعيّة». يعتقد مؤيّدو هذا الاقتراح أنّ الأشخاص الذين ينخرطون في هذا الإفراط يعانون من ضيق شديد. يعود رفض الاقتراح إلى عدم كفاية الأدلّة التجريبيّة لدعم التشخيص.

يشكّل إذًا مفهوم «الإدمان الجنسيّ» موضوع جدال حادّ؛ إذ تتباين الآراء حول ما إذا كان الإفراط الجنسيّ ناتجًا عن زيادة الدافع الجنسيّ أم أنّه مشكلة في ضبط الاندفاعات. يرفض العديد اعتبار الإفراط الجنسيّ إدمانًا، ويعتقدون أنّه لا وجود لأوجه شبه بينه وبين الأنواع الأخرى من الإدمان. كما يخشى البعض أنّ التشخيص قد يضفي صفة مرَضيّة إلى جوانب طبيعيّة من حياة الإنسان الجنسيّة. في كلّ الأحوال، يمكن للعلاج النفسيّ أن يكون نافعًا للأشخاص الذين يسعون الى تنظيم انفعالاتهم واستبصار جوانب حياتهم الجنسيّة.

ما هي أعراض اضطراب الإفراط الجنسيّ؟

من المهمّ التأكيد أنّ السلوك الجنسيّ جزء طبيعيّ وصحّيّ من الحياة، وأنّ الكثير من الأشخاص يستمتعون بنشاطهم الجنسيّ مع شركاء متعدّدين أو في البحث عن أنواع مختلفة من التجارب الجنسيّة. في المقابل، يصبح الإفراط الجنسيّ مشكلة عندما يسبّب للشخص ضيقًا ملحوظًا، أو يعرّضه لخطر إيذاء نفسه أو شخص آخر.

يمكن أن تتمثّل معايير التعرّف على الإفراط الجنسيّ في استمرار الأعراض التالية لمدّة لا تقلّ عن (6) أشهر:

  • وجود تخّيلات أو سلوكيّات أو إلحاحات جنسيّة متكرّرة، وشديدة، وتتعارض بصورة دائمة مع النشاطات والالتزامات الأخرى.
  • حدوث السلوكيّات كاستجابة للحالات المزاجيّة المزعجة (مثل: القلق، والاكتئاب، والضجر، وسرعة الانفعال) أو لأحداث حياتيّة ضاغطة.
  • فشل الجهود -على الرغم من اتّساقها- للسيطرة على التخيّلات أو الإلحاحات أو السلوكيّات الجنسيّة، أو للحدّ منها.
  • الانخراط في سلوكيّات جنسيّة مع تجاهل احتماليّة الأذى الجسديّ أو العاطفيّ للذات أو الآخرين.
  • يسبّب تكرار التخيّلات أو الإلحاحات أو السلوكيّات الجنسيّة أو شدّتها شعورًا ضيقًا أو اعتلالًا ملحوظين.

من المحتمل أيضًا ارتباط الإفراط الجنسيّ أيضًا بالاكتئاب والقلق. قد يتجنّب بعض الأفراد الافعالات الصعبة (مثل:  الحزن، والخزي)، ويسعون إلى الحصول على راحة مؤقّتة من خلال الانخراط في سلوك جنسيّ. وبالتالي، يمكن للاشتهاء الجنسيّ إخفاء مشاكل أخرى، مثل: الاكتئاب، والقلق، والضغط النفسيّ.

ما هي أسباب اضطراب الإفراط الجنسيّ؟

أسباب الإفراط الجنسيّ غير واضحة كلّيًّا. قد ينخرط بعض الأطفال أو المراهقين في سلوك جنسيّ متزايد أو غير ملائم نمائيًّا نتيجة خبرات صادمة، أو عوامل مجهدة، أو اضطراب نفسيّ. في حين لا يوجد تعريف معياريّ للإفراط الجنسيّ عند الأطفال، من المعروف أنّ الأطفال المعرّضين للإساءة الجنسيّة الانخراط في سلوكيات جنسيّة متزايدة. من المعروف أيضًا أنّ السلوك الجنسيّ عالي الخطورة بعوامل اجتماعيّة ديموغرافيّة كالتفكّك الأسريّ والضغط الاجتماعي.

من المهمّ أيضًا الأخذ بعين الاعتبار الدور الذي تؤدّيه الثقافة قي تشكّل مفهوم الإفراط الجنسيّ. قد تتمتّع الثقافات التي تقارب الجنس بصورة أكثر إيجابيّة بمجموعة قيم لا تحكم على السلوك الجنسيّ على أنّه «مفرط».

ما هو علاج اضطراب الإفراط الجنسيّ؟

على الرغم من عدم إدراج «الإدمان الجنسيّ» والإفراط الجنسيّ في الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة؛ تتوفّر خيارات علاجيّة ما إذا تسبّبت السلوكيّات الجنسيّة بضيق للشخص الذي ينخرط بها.

الإرشاد المتخصّص

قد يسهم الإرشاد المتخصّص في ما يلي:

  • إعادة بناء العلاقات.
  • إدارة الضغط النفسيّ.
  • تحديد ما يحفّز الأفكار الجنسيّة أو السلوكيات الجنسيّة القهريّة.
  • إيجاد سلوكيّات بديلة وأقلّ تدميرًا.

العلاج النفسيّ

تشمل فوائد العلاج النفسيّ في علاج الإفراط الجنسيّ ما يلي:

  • فهم أفضل للمعتقدات والسلوكيّات الجنسيّة.
  • تحديد مصادر الضيق ومعالجتها.
  • علاج الاضطرابات النفسيّة المصاحبة مثل: القلق أو الاكتئاب.

أمّا الأشخاص الذين لديهم معتقدات ضارّة حول الممارسات الجنسيّة، فيمكنهم الاستفادة من العلاج المعرفيّ السلوكيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive Behavioral Therapy، واختصاره: CBT) بهدف تصحيح هذه المعتقدات وتخفيف الضيق الناتج عنها.

العلاج الدوائيّ

كما يمكن لمضادّات الاكتئاب الشائعة تخفيف أعراض الإفراط الجنسيّ في بعض الحالات؛ لكن تبقى الحاجة إلى المزيد من التجارب السريريّة.

مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
ترجمة: جلنار خطار
مراجعة علمية: سحر هيام
تدقيق لغوي: سحر هيام
تحرير: إسلام سامي

التعليقات مغلقة.